وسار الناصر إلى غزّة، فاستولى على الساحل؛ فخرج إليه الجواد فى عسكر مصر والشام، وقال للأشرفيّة: كاتبوه وأطمعوه فكاتبوه وأطمعوه فاغترّ بهم، وساق من غزّة فى سبعمائة فارس إلى نابلس بأثقاله وخزائنه وأمواله، وكانت على سبعمائة جمل، وترك العساكر منقطعة خلفه، وضرب دهليزه على سبسطية «١» ، والجواد على جيتين «٢» فساقوا عليه وأحاطوا به، فساق فى نفر قليل إلى نابلس، وأخذوا الجمال بأحمالها والخزائن والجواهر والجنائب واستغنوا غنى الأبد، وافتقر هو فقرا ما افتقره أحد؛ ووقع عماد الدين بسفط صغير فيه اثنتا عشرة قطعة من الجوهر وفصوص ليس لها قيمة؛ فدخل على الجواد فطلبه منه فأعطاه إيّاه. وسار الناصر لا يلوى على شىء إلى الكرك. ثم وقع له أمور نذكر بعضها فى حوادث العادل والصالح وغيرهما» . انتهى.
ولمّا تمّ أمر العادل وتسلطن بمصر واستقرّ الجواد بدمشق على أنّه نائب العادل، وبلغ هذا الخبر الملك الصالح نجم الدين أيّوب عظم عليه ذلك، كونه كان هو الأكبر، فقصد الشام بعد أمور وقعت له مع الخوارزميّة ومع لؤلؤ صاحب الموصل؛ ثم سار الملك الصالح بعساكر الشرق حتّى وافى دمشق ودخلها فى جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة، فخرج إليه الملك الجواد والتقاه؛ واتّفق معه على مقايضة دمشق بسنجار وعانة «٣» ، وسببه [ضيق «٤» ] عطن الجواد، [وعجزه عن «٥» القيام بمملكة الشام] فإنّه كان يظهر أنّه نائب العادل بدمشق فى مدّة إقامته، ثم خاف الجواد أيضا من العادل، وظنّ أنّه يأخذ دمشق منه، فخرج الجواد إلى البرّيّة وكاتب الملك الصالح