الناصر بأنّ الصالح فى نيّة القبض عليه، فخاف وغضب فأسرع إلى الكرك. ثم تحقّق الصالح [فساد «١» ] نيّات الأشرفيّة، وأنّهم يريدون الوثوب عليه؛ فأخذ فى تفريقهم والقبض عليهم، فبعث مقدّم الأشرفيّة وكبيرهم أيبك الأشقر «٢» نائبا على جهة، ثم سيّر من قبض عليه، ثم مسكهم عن بكرة أبيهم وسجنهم؛ وأقبل على شراء المماليك الترك والخطائيّة، واستخدم الأجناد؛ ثم قبض على أكبر الخدّام: شمس الدّين الخاصّ وجوهر النّوبىّ وعلى جماعة من الأمراء الكامليّة وسجنهم بقلعة صدر بالقرب من ايلة؛ وأخرج فخر الدين ابن الشيخ من سجن العادل فركب ركبة عظيمة، ودعت له الرعيّة لكرمه وحسن سيرته، فلم يعجب الصالح ذلك وتخيّل، فأمره بلزوم بيته.
واستوزر أخاه معين الدين. ثم شرع يؤمّر غلمانه (يعنى مماليكه) فأكثر من ذلك، وأخذ فى بناء قلعة الجزيرة «٣» واتّخذها سكنا، وأنفق عليها أموالا عظيمة، وكانت الجزيرة قبلا متنّزها لوالده، فشيّدها فى ثلاثة أعوام وتحوّل إليها. وأمّا الناصر داود فإنّه اتّفق مع عمّه الصالح إسماعيل والمنصور صاحب حمص فاتّفقوا على الصالح.