كنت رسولا من جهة الصالح إسماعيل، فورد علىّ منه كتاب وفى طيّه: كتاب من الصالح نجم الدين إلى الخوارزمية يحثّهم على الحركة ويعلمهم [أنّه «١» ] إنّما صالح عمّه الصالح ليخلّص ابنه المغيث من يده، وأنّه باق على عداوته، ولا بدّ له من أخذ دمشق منه، فمضيت بهذا الكتاب إلى الصاحب معين [الدين»
] فأوقفته عليه، فما أبدى عنه عذرا يسوغ. وردّ الصالح إسماعيل المغيث بن الصالح نجم الدين إلى الاعتقال، وقطع الخطبة وردّ عسكره عن عجلون وأرسل إلى الناصر داود واتّفق معه على عداوة صاحب مصر؛ وكذلك رجع صاحب حلب وصاحب حمص عنه، وصاروا كلمة واحدة عليه، واعتقلت رسلهم بمصر؛ واعتضد صاحب دمشق بالفرنج، وسلّم إليهم القدس وطبريّة وعسقلان، وتجهّز صاحب [مصر «٣» ] الملك الصالح هذا لقتالهم، وجهّز البعوث وجاءته الخوارزمية فساقوا إلى غزّة واجتمعوا بالمصريّين، وعليهم ركن الدين بيبرس البندقدارىّ الصالحىّ. قلت: وبيبرس هذا هو غير بيبرس البندقدارىّ الظاهرىّ، وإنّما هذا أيضا على اسمه وشهرته، وهذا أكبر من الظاهر بيبرس [وأقدم «٤» ] ، وقبض «٥» عليه الملك الصالح بعد ذلك وأعدمه. انتهى.
قال ابن واصل: وتسلّم الفرنج حرم القدس وغيره، وعمّروا قلعتى طبريّة وعسقلان وحصّنوهما، ووعدهم الصالح إسماعيل بأنّه إذا ملك مصر أعطاهم بعضها، فتجمّعوا وحشدوا وسارت عساكر الشام إلى غزة، ومضى المنصور صاحب حمص بنفسه إلى عكّا وطلبها فأجابوه. قال: وسافرت أنا إلى مصر ودخلت القدس، فرأيت الرّهبان على الصخرة وعليها قنانى الخمر، ورأيت الجرس