وأجلّهم وأحسنهم رأيا وتدبيرا ومهابة وشجاعة وسؤددا بعد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب، وهو أخو جدّه الملك العادل أبى بكر بن أيّوب؛ ولو لم يكن من محاسنه إلّا تجلّده على مقابلة العدوّ بالمنصورة، وهو بتلك الأمراض المزمنة المذكورة وموته على الجهاد، والذبّ عن المسلمين.- والله يرحمه- ما كان أصبره وأغزر مروءته.
ولمّا مات رثاه الشعراء بعدّة مراث. وأمّا مدائحه فكثيرة من ذلك ما قاله فيه كاتبه وشاعره بهاء الدين زهير من قصيدته التى أوّلها:
وعد الزيارة طرفه المتملّق ... وبلاء قلبى من جفون تنطق
إنّى لأهوى الحسن حيث وجدته ... وأهيم بالقدّ الرشيق وأعشق
يا عاذلى أنا من سمعت حديثه ... فعساك تحنو أو لعلّك ترفق
لو كنت منّا حيث تسمع أو ترى ... لرأيت ثوب الصبر كيف يمزّق
ورأيت ألطف عاشقين تشاكيا ... وعجبت ممّن لا يحبّ ويعشق
أيسومنى العذّال عنه تصبّرا ... وحياته قلبى أرقّ وأشفق
إن عنّفوا أو سوّفوا أو خوّفوا ... لا انتهى لا أنثنى لا أفرق
أبدا أزيد مع الوصال تلهّفا ... كالعقد فى جيد المليحة يقلق
يا قاتلى إنّى عليك لمشفق ... يا هاجرى إنّى اليك لشيّق
وأذاع أنّى قد سلوتك معشر ... يا ربّ لا عاشوا لذاك ولا بقوا
ما أطمع العذّال إلّا أنّنى ... خوفا عليك إليهم أتملّق
وإذا وعدت الطيف منك بهجعة ... فاشهد علىّ بأنّنى لا أصدق
فعلام قلبك ليس بالقلب الذي ... قد كان لى منه المحبّ المشفق
وأظنّ قدّك شامتا لفراقنا ... فلقد نظرت إليه وهو مخلّق