عليها، وانتزاعها من يد ملوكها، حتّى لقد حدّثته نفسه بالاستيلاء على بغداد والعراق؛ وكان لا يمكّن القوىّ من الضعيف، وينصف المشروف من الشريف؛ وهو أوّل من استكثر من المماليك من ملوك البيت الأيّوبىّ، ثم اقتدوا به لمّا آل الملك إليهم.
قلت: ومن ولى مصر بعد الصالح من بنى أيّوب حتى اقتنى المماليك! هو آخر ملوك مصر، ولا عبرة بولاية ولده الملك المعظم توران شاه، اللهم إن كان الذي بالبلاد الشاميّة فيمكن، وأمّا بمصر فلا.
وكانت ولايته بمصر تسع سنين وسعة أشهر وعشرين يوما لأنّه ولى السلطنة فى عشرين ذى الحجّة سنة سبع وثلاثين، ومات فى نصف شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة. انتهى.
قال: ولمّا مات الملك الصالح نجم الدين لم يحزن لموته إلّا القليل مع ما كان الناس فيه من قصد الفرنج الديار المصرية واستيلائهم على قلعة منها، ومع هذا سرّ معظم الناس بموته حتّى خواصّه، فإنّهم لم يكونوا يأمنون سطوته ولا يقدرون على الاحتراز منه. قال: ولم يكن فى خلقه الميل لأحد من أصحابه ولا أهله ولا أولاده ولا المحبة لهم ولا الحنوّ عليهم على ما جرت به العادة. وكان يلازم فى خلواته ومجالس أنسه من الناموس ما يلازمه إذا كان جالسا فى دست السلطنة.
وكان عفيف الذيل طاهر اللسان قليل الفحش فى حال غضبه، ينتقم بالفعل لا بالقول- رحمه الله تعالى-. انتهى ما أوردناه فى ترجمة الملك الصالح من أقوال جماعة كثيرة من المؤرّخين ممّن عاصره وبعدهم، فمنهم من شكر ومنهم من أنكر.
قلت: وهذا شأن الناس فى أفعال ملوكهم، والحاكم أحد الخصمين غضبان منه إذا حكم بالحقّ، فكيف السلطان! وفى الجملة هو عندى أعظم ملوك بنى أيّوب