وفيها ظهر بالروم رجل تركمانىّ يقال له البابا وادّعى النبوّة، وكان يقول قولوا:
لا إله إلا الله البابا ولىّ الله، واجتمع إليه خلق كثير؛ فجهّز إليه صاحب الروم جيشا فالتقوا، فقتل بينهم أربعة آلاف، وقتل البابا المذكور. قال أبو المظفّر:
«وفيها ذكر أنّ بمازندران «١» - وهى مدينة العجم- عين ماء يطلع منها فى كلّ ستّ وثلاثين سنة حيّة عظيمة مثل المنارة، فتقيم طول النهار، فإذا غربت الشمس غاصت الحيّة فى العين فلا ترى إلّا مثل ذلك الوقت؛ وقيل: إنّ بعض ملوك العجم جاء بنفسه إليها فى مثل ذلك اليوم، وربطها بسلاسل حتّى يعوقها، فلمّا غربت الشمس غاصت فى العين، وهى إلى الآن إذا طلعت رأوا السلاسل فى وسطها» .
قلت: ولعلّها لم تتعرّض لأحد بسوء، وإلّا فكان الناس تحيّلوا فى قتلها وقتلوها بأنواع المكايد. وأمر هذه الحيّة مشهور ذكره غير واحد من المؤرّخين.
وفيها وصل الملك الناصر داود من مصر إلى غزّة، وكان بينه وبين الفرنج وقعة، وكسرهم فيها وغنم منهم أشياء كثيرة.
وفيها توفّى أبو بكر «٢» محمد بن علىّ بن محمد الشيخ الإمام محى الدين العالم المشهور بابن عربى الطائىّ [الأندلسىّ «٣» ] الحاتمىّ فى شهر ربيع الآخر «٤» ، وله بمان وسبعون سنة.
وكان إماما فى علوم الحقائق، وله المصنّفات الكثيرة. وقد اختلف الناس فى تصانيفه وأقواله اختلافا كبيرا. قال «٥» : وكان يقول: أعرف الاسم الأعظم، وأعرف الكيمياء