للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهامة ونفس قويّة وسيرة حسنة، شديدة الغيرة. فلمّا بلغها أنّ زوجها الملك المعزّ أيبك يريد أن يتزوّج ببنت الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ «١» صاحب الموصل، وقد عزم على ذلك، فتخيّلت منه [أنه «٢» ] ربّما عزم على إبعادها أو إعدامها [بالكليّة «٣» ] لأنّه سئم من حجرها عليه واستطالتها، فعاجلته وعزمت على الفتك به وإقامة غيره فى الملك.

قال الشيخ قطب الدين: «وطلبت صفىّ الدين [إبراهيم «٤» ] بن مرزوق وكان بمصر فاستشارته ووعدته بالوزارة، فأنكر عليها ونهاها عن ذلك فلم تصغ إلى قوله، وطلبت مملوكا للطّواشى محسن [الجوهرىّ «٥» ] الصالحى وعرضت عليه أمرها ووعدته ومنّته إن قتل المعزّ! ثم استدعت جماعة من الخدّام واتّفقت معهم. فلمّا كان يوم الثلاثاء الثالث والعشرون من شهر ربيع الأوّل «٦» لعب المعزّ بالكرة ومن معه، وصعد إلى القلعة آخر النهار، وأتى الحمّام ليغتسل، فلمّا قلع ثيابه وثب عليه سنجر الجوهرىّ «٧» والخدم فرموه وخنقوه؛ وطلبت شجرة الدر ابن مرزوق على لسان الملك المعزّ، فركب حماره وبادر وطلع القلعة من باب السرّ، فرآها جالسة والمعزّ بين يديها ميّت، فأخبرته الأمر فعظم عليه جدّا، واستشارته فقال: ما أعرف ما أقول، وقد وقعت فى أمر عظيم مالك منه مخلص! ثم طلبت الأمير جمال الدين بن أيدغدى [بن عبد الله «٨» ] العزيزىّ وعزّ الدين أيبك الحلبىّ، وعرضت عليهما السلطنة فامتنعا؛ فلمّا ارتفع النهار شاع الخبر واضطربت الناس» . انتهى كلام قطب الدين.