للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل فى قتله وجه آخر: وهو أنّ شجرة الدرّ لمّا غارت رتّبت للمعزّ سنجر الجوهرىّ مملوك الفارس أقطاى، فدخل عليه الحمّام [و] لكمه ورماه، وألزم الخدّام معاونته، وبقيت هى تضربه بالقبقاب وهو يستغيث ويتضرّع إليها إلى أن مات، وانطوت الأخبار عن الناس تلك الليلة. فلمّا كان سحر يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول ركب الأمراء الأكابر إلى القلعة على عادتهم، وليس عندهم خبر بما جرى، ولم يركب الفائزىّ «١» فى ذلك اليوم؛ وتحيّرت شجرة الدرّ فيما تفعل، فأرسلت إلى الملك المنصور نور الدين علىّ ابن الملك المعزّ تقول له عن أبيه: إنه ينزل إلى البحر فى جمع من الأمراء لإصلاح الشوانى التى تجهّزت للمضى إلى دمياط ففعل، وقصدت بذلك لتقلّ الناس من على الباب لتتمكن ممّا تريد، فلم يتمّ مرادها.

ولمّا تعالى النهار شاع الخبر بقتل الملك المعزّ، واضطربت الناس فى البلد واختلفت أقاويلهم ولم يقفوا على حقيقة الأمر، وركب العسكر إلى جهة القلعة، وأحدقوا بها ودخلها مماليك الملك المعزّ أيبك والأمير بهاء الدين بغدى «٢» الأشرفىّ مقدّم الحلقة؛ وطمع الأمير عزّ الدين الحلبىّ فى التقدّم، وساعده على ذلك جماعة من الأمراء الصالحيّة، فلم يتمّ له ذلك. ثم استحضر الذين فى القلعة الوزير شرف الدين الفائزىّ واتّفقوا على تمليك الملك المنصور نور الدين علىّ بن الملك المعزّ أيبك، وعمره يومئذ نحو خمس عشرة سنة، فرتّبوه فى الملك ونودى فى البلد بشعاره، وسكن الناس وتفرّقوا إلى دورهم، ونزل الأمراء الصالحيّة إلى دورهم. فلمّا كان يوم الخميس خامس عشرين الشهر وقع فى البلد خبطة عظيمة وركب العسكر إلى القلعة.

واتّفق رأى الذين بالقلعة على نصب الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ فى السلطنة، وكان أتابك الملك المعزّ ويعرف بالمشدّ، واستحلفوا العسكر له، وحلف له الأمراء الصالحيّة