الكرخ فركبوا من وقتهم وهجموا على الرافضة بالكرخ وقتلوا منهم جماعة وارتكبوا معهم «١» العظائم فحنق الوزير ابن العلقمى ونوى الشرّ فى الباطن وأمر أهل الكرخ الرافضة بالصّبر والكفّ عن القتال، وقال لهم: أنا أكفيكم «٢» فيهم وكان الخليفة المستنصر بالله قد استكثر من الجند قبل موته حتّى بلغ عدد عسكره مائة ألف، وكان الوزير ابن العلقمىّ مع ذلك يصانع التّتار فى الباطن ويكاتبهم ويهاديهم، فلمّا استخلف المستعصم بعد موت أبيه المستنصر، وكان المستعصم خليّا من الرأى والتدبير، فأشار عليه ابن العلقمىّ المذكور بقطع أرزاق أكثر الجند، وأنّه بمصانعة التتار وإكرامهم يحصل بذلك المقصود، ولا حاجة لكثرة الجند ففعل الخليفة ذلك! قلت: وكلمة الشيخ مطاعة!
ثم إنّ الوزير بعد ذلك كاتب التّتار وأطمعهم فى البلاد سرّا، وأرسل إليهم غلامه وأخاه وسهّل عليهم فتح العراق وأخذ بغداد، وطلب منهم أن يكون نائبهم بالبلاد فوعدوه بذلك، وتأهّبوا لقصد بغداد وكاتبوا لؤلؤا «٣» صاحب الموصل فى تهيئة الإقامات والسلاح، فكاتب لؤلؤ الخليفة سرّا وحذّره، ثم هيّأ لهم الآلات والإقامات.
وكان الوزير ابن العلقمىّ المذكور ليس لأحد معه كلام فى تدبير أمر الخليفة، فصار لا يوصّل مكاتبات لؤلؤ ولا غيره للخليفة، وعمّى عنه الأخبار والنصائح، فكان يقرؤها هو ويجيب عنها بما يختار، فنتج أمر التّتار بذلك غاية النّتاج وأخذ أمر الخليفة والمسلمين فى إدبار! وكان تاج الدين بن صلايا نائب الخليفة بإربل «٤»