حذّر الخليفة وحرّك عزمه، والخليفة لا يتحرّك ولا يستيقظ! فلمّا «١» تحقّق الخليفة حركة التّتار نحوه سيّر إليهم شرف «٢» الدين بن محيى الدين ابن الجوزى رسولا يعدهم بأموال عظيمة، ثم سيّر مائة رجل إلى الدّربند يكونون فيه يطالعون الخليفة بالأخبار، فمضوا فلم يطلع لهم خبر، لأنّ الأكراد الذين كانوا هناك دلّوا التّتار عليهم، فهجموا عليهم وقتلوهم أجمعين.
ثم ركب هولاكو بن تولى خان بن چنكز خان فى جيوشه من المغل والتّتار وقصدوا العراق، وكان على مقدّمته الأمير بايجونوين «٣» ، وفى جيشه خلق من أهل الكرخ الرافضة ومن عسكر بركة خان ابن عمّ هولاكو، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الملك الصالح ركن الدين إسماعيل، فوصلوا قرب بغداد واقتتلوا من جهة البرّ الغربىّ عن دجلة، فخرج عسكر بغداد وعليهم ركن الدين الدّوادار، فالتقوا على نحو مرحلتين من بغداد، فانكسر البغداديّون وأخذتهم السيوف، وغرق بعضهم فى الماء وهرب الباقون. ثم ساق بايجونوين مقدّمة هولاكو فنزل القرية «٤» مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة لا غير. وقصد هولاكو بغداد من البرّ الشرقىّ، وضرب سورا وخندقا على عسكره وأحاط ببغداد، فأشار الوزير ابن العلقمىّ على الخليفة المستعصم بالله بمصانعتهم. وقال له: أخرج إليهم أنا فى تقرير الصلح فخرج إليهم، واجتمع بهولاكو وتوثّق لنفسه وردّ إلى الخليفة، وقال: إنّ الملك قد رغب