فى أن يزوّج بنته بآبنك الأمير أبى بكر، ويبقيك على منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم فى سلطنته، ولا يطلب إلّا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السّلجوقيّة، وينصرف هو عنك بجيوشه! فتجيبه يا مولانا أمير المؤمنين لهذا، فإنّ فيه حقن دماء المسلمين، ويمكن أن تفعل بعد ذلك ما تريد! والرأى أن تخرج إليه؛ فسمع له الخليفة وخرج إليه فى جمع من الأعيان من أقاربه وحواشيه وغيرهم.
فلمّا توجّه إلى هولاكو لم يجتمع به هولاكو وأنزل فى خيمة؛ ثم ركب الوزير وعاد إلى بغداد بإذن هولاكو، واستدعى الفقهاء والأعيان والأماثل ليحضروا عقد بنت هولاكو على ابن الخليفة، فخرجوا من بغداد إلى هولاكو، فأمر هولاكو بضرب أعناقهم! ثم مدّ الجسر ودخل بايجونوين «١» بمن معه إلى بغداد وبذلوا السيف فيها واستمرّ القتل والنهب والسّبى فى بغداد بضعة وثلاثين يوما، فلم ينج منهم إلّا من اختفى. ثمّ أمر هولاكو بعدّ القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسرا.
وقال الذهبىّ- رحمه الله- فى تاريخ الإسلام: والأصحّ أنّهم بلغوا ثمانمائة ألف.
ثم نودى بعد ذلك بالأمان، فظهر من كان اختفى وهم قليل من كثير.
وأمّا الوزير ابن العلقمىّ فلم يتمّ له ما أراد، وما اعتقد أنّ التّتار يبذلون السيف مطلقا فى أهل السّنّة والرافضة معا، وراح مع الطائفتين أيضا أمم لا يحصون كثرة، وذاق ابن العلقمىّ الهوان والذّلّ من التّتار! ولم تطل أيامه بعد ذلك كما سيأتى ذكره. ثم ضرب هولاكو عنق مقدّم جيشه بايجونوين لأنّه بلغه عنه من الوزير ابن العلقمىّ أنّه كاتب الخليفة المستعصم لمّا كان بالجانب الغربىّ.
وأمّا الخليفة فيأتى ذكره فى الحوادث على عادة هذا الكتاب فى محلّه غير أنّنا نذكره هنا على سبيل الاستطراد. ولمّا تمّ أمر هولاكو طلب الخليفة وقتله خنقا. وقيل