وهى أطول من ذلك. وجملة القصيدة ستة وستون بيتا. وقال غيره فى فقد الخلافة من بغداد بيتا مفردا وأجاد:
خلت المنابر والأسرّة منهم ... فعليهم حتّى الممات سلام
انتهى ذكر بغداد هنا، ولا بدّ من ذكر شىء منها أيضا فى الحوادث.
وأمّا أمر البحريّة فإنّه لمّا دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة رحل الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب الشام بعساكر فى أثر البحريّة، فاندفعوا البحريّة أمامه إلى الكرك، فسار الناصر حتى نزل بركة «١» زيزاء ليحاصر الكرك، وصحبته الملك المنصور صاحب حماة؛ فأرسل الملك المغيث عمر «٢» بن العادل بن الكامل صاحب الكرك رسله إلى الملك الناصر يطلب الصلح، وكان مع رسله الدار «٣» القطبيّة ابنة الملك المفضّل «٤» قطب الدّين بن العادل، وهى من عمّات الناصر والمغيث يتضرّعون إلى الناصر ويطلبون الصلح ورضاه على ابن عمه المغيث، فشرط عليه الناصر أن يقبض على من عنده من البحريّة، فأجاب إلى ذلك وقبض عليهم وجهّزهم إلى الملك الناصر على الجمال، وهو نازل ببركة زيزاء. فحملهم الملك الناصر إلى حلب واعتقلهم بقلعتها ما خلا الأمير بيبرس البندقدارىّ، فإنّه لمّا أحسّ بما وقع عليه الصلح هرب من الكرك فى جماعة من البحريّة وأتى إلى الملك الناصر صلاح الدين المذكور داخلا تحت طاعته، فأكرمه الملك الناصر وأكرم رفقته إكراما زائدا؛ وعاد الناصر إلى دمشق وفى خدمته الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارىّ وغيره من البحريّة.