وأمّا المصريّون فإنّه لمّا بلغ الملك المنصور عليّا والأمير قطز المعزّىّ ما وقع للبحريّة فرحا فرحا زائدا، وزيّنت مصر أيّاما لذلك؛ وصفا الوقت للأمير قطز.
وبينما هو فى ذلك ورد الخبر عليه بنزول هولاكو على مدينة آمد من ديار بكر، وأنّه فى قصد البلاد الشاميّة، وأنّ هولاكو بعث رسله إلى الملك السعيد نجم الدين إيلغازى صاحب ماردين يستدعيه إلى طاعته وحضرته، فسيّر إليه الملك السعيد ولده الملك المظفّر «١» قرا أرسلان وقاضى القضاة مهذّب الدين محمد [بن «٢» مجلّى] والأمير سابق الدين بلبان وعلى أيديهم هديّة، وحمّلهم رسالة تتضمّن الاعتذار عن الحضور بمرض منعه الحركة، ووافق وصولهم إلى هولاكو أخذه لقلعة اليمانيّة وإنزاله من بها من حريم صاحب ميّافارقين وأولاده وأقاربه، وهم: ولده الملك الناصر صلاح الدين يوسف جفتاى، والملك السعيد عمر وابن أخيه الملك الأشرف أحمد وتاج الدين على ابن الملك العادل، فأدّوا الرسالة؛ فقال هولاكو: ليس مرضه بصحيح، وإنّما هو يتمارض مخافة الملك الناصر صاحب الشام، فإن انتصرت عليه اعتذر لى بزيادة المرض، وإن انتصر علىّ كانت له اليد البيضاء عنده، ثم قال: ولو كان للملك الناصر قوّة يدفعنى لم يمكّنى من دخول هذه البلاد؛ وقد بلغنى أنّه بعث حريمه إلى مصر؛ ثم أمر بردّ القاضى وحده فردّ القاضى وأخبر الملك السعيد بالجواب.
وأمّا هولاكو فإنّه لا زال يأخذ بلدا بعد أخرى إلى أن استولى على حلب والشام، واضمحلّ أمر الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب الشام بعد أمور ووقائع وقعت له، وانفلّ عنه أصحابه. فلمّا وقع ذلك فارقه الأمير بيبرس البندقدارىّ وقدم إلى مصر ومعه جماعة من البحريّة طائعا للملك المنصور هذا فأكرمه قطز