على جهادكم، بشرط ألّا يبقى فى بيت المال شىء، وتبيعوا مالكم من الحوائص «١» المذهبة والآلات النفيسة، ويقتصر كلّ الجند على مركوبه وسلاحه ويتساووا هم والعامّة. وأمّا أخذ الأموال من العامّة مع بقايا فى أيدى الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا، وانفضّ المجلس على ذلك، ولم يتكلّم السلطان بكلمة فى المجلس لعدم معرفته بالأمور ولصغر سنّه؛ فلهج الناس بخلع المنصور وسلطنة قطز حتّى يقوم بهذا الأمر المهمّ، واتّفق ذلك بعد أيّام، وقبض قطز هذا على الملك المنصور علىّ، واحتجّ لكمال الدّين بن العديم وغيره بأنّه صبىّ لا يحسن تدبير الملك، وفى مثل هذا الوقت الصّعب لا بدّ أن يقوم بأمر الملك رجل شهم يطيعه الناس وينتصب للجهاد. وكان الأميران: علم الدين سنجر [الغتمىّ المعظّمىّ «٢» ] وسيف الدين بهادر حين جرى هذا الأمر غائبين فى الصيد، فاغتنم قطز لغيبتهما الفرصة، فلمّا حضرا قبض عليهما واعتقلهما، وتسلطن. وركب بشعار الملك، وجلس على كرسىّ السلطنة وتمّ أمره. ولمّا وقع ذلك تقدّم قطز إلى برهان الدين الخضر «٣» أن يتوجّه فى جواب رسالة الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب الشام صحبة الصاحب كمال الدين ابن العديم، ويعد الملك الناصر بالنّجدة وإنفاذ العساكر إليه؛ فتوجّها ووصلا إلى دمشق وأدّيا الرسالة؛ ولم يزل البرهان بدمشق إلى أن رحل الملك الناصر من دمشق إلى جهة الديار المصريّة جافلا من التّتار.