وكان الناصر لمّا تحقّق بحركة التّتار رحل إلى برزة شمالى دمشق، ونزل بها بعساكره واجتمع إليه أمم عظيمة من العرب والعجم والتّركمان والأتراك والمطوّعة؛ فلم يعجب الناصر حاله لما رأى من تخاذل عسكره، وعلم انّه إذا لاقى التّتار لم يثبت عسكره لهم لكثرتهم ولقوّتهم، فإنّ هولاكو فى خلق لا يحصيهم إلّا الله تعالى من المغل والكرج والعجم وغيرهم، ولم يكن من حين قدومهم على بلاد المسلمين من سنة ستّ عشرة وستمائة إلى هذه السنة يلقاهم عسكر إلّا فلّوه سوى وقائع كانت بينهم وبين جلال الدين «١» بن خوارزم شاه، انتصف جلال الدين فى بعضها، ثمّ كبسوه على باب آمد وبدّدوا جمعه، وأعقب ذلك موت جلال الدين بالقرب من ميّافارقين.
وأمّا أمر هلاكو فإنّه فى جمادى الأولى من هذه السنّة نزل حرّان واستولى عليها وملك بلاد الجزيرة، ثمّ سيّر ولده أشموط «٢» بن هولاكو إلى الشام وأمره بقطع الفرات وأخذ البلاد الشاميّة، وسيّره فى جمع كثيف من التّتار فوصل أشموط إلى نهر الجوز «٣» وتلّ باشر «٤» ، ووصل الخبر إلى حلب من البيرة «٥» بذلك. وكان نائب السلطان صلاح الدين يوسف بحلب ابنه الملك المعظّم توران شاه، فجفل الناس بين يدى