فلمّا اجتمعت العساكر الإسلاميّة بالديار المصريّة ألقى الله تعالى فى قلب الملك المظفّر قطز الخروج لقتالهم بعد أن كانت القلوب قد أيست من النّصرة على التّتار، وأجمعوا على حفظ مصر لا غير لكثرة عددهم واستيلائهم على معظم بلاد المسلمين، وأنّهم ما قصدوا إقليما إلّا فتحوه ولا عسكرا إلّا هزموه، ولم يبق خارج عن حكمهم فى الجانب الشرقىّ إلّا الديار المصريّة والحجاز واليمن، وهرب جماعة من المغاربة الذين كانوا بمصر إلى الغرب، وهرب جماعة من الناس إلى اليمن والحجاز، والباقون بقوا فى وجل عظيم وخوف شديد يتوقّعون دخول العدوّ وأخذ البلاد؛ وصمّم الملك المظفّر- رحمه الله- على لقاء التّتار، وخرج من مصر فى الجحافل»
الشاميّة والمصريّة فى شهر رمضان، وصحبته الملك المنصور صاحب حماة؛ وكان الأتابك فارس الدين أقطاى المستعرب، الأمور كلّها مفوّضة إليه؛ وسيّر الملك المظفّر قطز إلى صاحب حماة، وهو بالصالحيّة، يقول: له لا تحتفل فى مدّ سماط، بل كلّ واحد من أصحابك يفطر على قطعة لحم فى صولقه «٢» . وسافر الملك المظفّر بالعساكر من الصالحيّة ووصل غزّة والقلوب وجلة.
وأما كتبغانوين «٣» مقدّم التّتار على عسكر هولاكو لمّا بلغه خروج الملك المظفّر قطز كان بالبقاع؛ فاستدعى الملك الأشرف [موسى «٤» ابن المنصور صاحب حمص] وقاضى القضاة محيى «٥» الدين واستشارهم فى ذلك، فمنهم من أشار بعدم الملتقى