عند «١» المسلمين من ذلك همّ عظيم. فلمّا هرب نوّاب التّتار حين بلغتهم الكسرة أصبح الناس وتوجّهوا إلى دور النّصارى ينهبونها ويأخذون ما استطاعوا منها، وأخربوا كنيسة اليعاقبة «٢» وأحرقوا كنيسة مريم «٣» حتّى بقيت كوما، وقتلوا منهم جماعة واختفى الباقون. وكانت النصارى فى تلك الأيام ألزموا المسلمين بالقيام فى دكاكينهم للصّليب، ومن لم يقم أخرقوا «٤» به وأهانوه، وشقّوا السّوق على هذا الوجه إلى عند القنطرة آخر سويقة كنيسة مريم؛ فقام بعضهم على الدّكّان الوسطى من الصف الغربىّ بين القناطر وخطب وفضّل دين النّصارى ووضع من دين الإسلام، وكان ذلك فى ثانى عشرين شهر رمضان. ثم من الغد طلع المسلمون مع قضاتهم وشهودهم إلى قلعة دمشق وبها التّتار فأهانوهم التتار، ورفعوا قسّيس النّصارى عليهم، ثم أخرجوهم بالضرب؛ فصار ذلك كلّه فى قلوب المسلمين. انتهى.
ثمّ إنّ أهل دمشق هموا أيضا بنهب اليهود فنهبوا منهم يسيرا، ثم كفّوا عنهم.
ثمّ وصل الملك المظفّر قطز إلى دمشق مؤيّدا منصورا فانجبرت بذلك قلوب الرّعايا وتضاعف شكرهم لله تعالى. والتقاه أهل دمشق بعد أن عفّوا آثار النصارى وخرّبوا كنائسهم جزاء لما كانوا سلفوه من ضرب النواقيس على رءوس المسلمين، ودخولهم بالخمر إلى الجامع. وفى هذا المعنى يقول بعض شعراء دمشق: