واستوفى أهل البلاد والضّياع من التّتار آثارهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة حتّى إنّه لم يسلم منهم إلّا القليل جدّا.
وفى حال الفراغ من المصافّ حضر الملك السعيد [حسن] ابن الملك العزيز عثمان ابن الملك العادل بين يدى السلطان الملك المظفّر قطز؛ وكان التّتار لمّا ملكوا قلعة البيرة وجدوه فيها معتقلا فأطلقوه وأعطوه باياس وقلعة الصّبيبة «١» فانضمّ على التّتار وبقى منهم، وقاتل يوم المصافّ «٢» المسلمين قتالا شديدا، فلما أيّد الله المسلمين بنصره وحضر الملوك عند الملك المظفّر فحضر الملك السعيد هذا من جملتهم على رغم أنفه، فلم يقبل المظفّر عذره، وأمر بضرب عنقه فضربت فى الحال. ثم كتب الملك المظفّر كتابا إلى أهل دمشق يخبرهم فيه بالفتح وكسر العدوّ المخذول ويعدهم بوصوله إليهم ونشر العدل فيهم، فسرّ عوامّ دمشق وأهلها بذلك سرورا زائدا، وقتلوا فخر الدين محمد بن يوسف بن محمد الكنجىّ «٣» فى جامع دمشق، وكان المذكور من أهل العلم، لكنّه كان فيه شرّ، وكان رافضيّا خبيثا وانضم على التّتار. وقتلوا أيضا بدمشق من أعوان التّتار ابن الماسكينى «٤» ، وابن النّفيل «٥» وغيرهما. وكان النّصارى بدمشق قد شمخوا وتجرّءوا على المسلمين واستطالوا بتردّد التّتار إلى كنائسهم.
وذهب بعضهم إلى هولاكو وجاءوا من عنده بفرمان يتضمّن الوصيّة بهم والاعتناء بأمرهم، ودخلوا بالفرمان من باب توما «٦» وصلبانهم مرتفعة، وهم ينادون بارتفاع دينهم واتّضاع دين المسلمين، ويرشّون الخمر على الناس وفى أبواب المساجد، فحصل