عن أبيه، قال: كان قطز فى رقّ ابن الزعيم «١» بدمشق فى القصّاعين «٢» ، فضربه أستاذه فبكى ولم يأكل شيئا يومه، ثم ركب أستاذه للخدمه وأمر الفرّاش أن يترضّاه ويطعمه، قال: فحدّثنى الحاجّ علىّ الفراش قال: فجئته وقلت: ما هذا البكاء من لطشة؟ فقال: إنّما بكائى من لعنة أبى وجدّى وهم خير منه، فقلت: من أبوك؟ واحد كافر! فقال: والله ما أنا إلّا مسلم ابن مسلم، أنا محمود بن ممدود «٣» ابن أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك، فسكّتّه وترضّيته. وتنقّلت به الأحوال إلى أن تملّك مصر، ولمّا تملك أحسن إلى الحاج علىّ الفراش المذكور، وأعطاه خمسمائة دينار وعمل له راتبا. قال الذهبىّ أيضا: ولمّا تسلطن لم يبلغ ريقه ولا تهنّى بالسلطنة حتى امتلأت الشامات المباركة بالتّتار؛ ثم ساق الذهبىّ أمره مع التّتار بنحو ما حكيناه.
وقال الشيخ قطب الدين: حكى عن الملك المظفّر قطز أنّه قتل جواده يوم القتال مع التّتار، ولم يصادف المظفّر أحد من الأوشاقية «٤» فبقى راجلا، فرآه بعض الأمراء الشجعان فترجّل له وقدّم له حصانه، فامتنع المظفّر من ركوبه وقال:
ما كنت لأمنع المسلمين الانتفاع بك فى هذا الوقت! ثم تلاحقت الأوشاقيّة إليه.
وقال ابن الجزرىّ فى تاريخه: حدّثنى أبى قال حدّثنى أبو بكر بن الدّريهم الإسعردىّ والزكىّ إبراهيم أستاذ الفارس أقطاى قالا: كنّا عند سيف الدين قطز لمّا تسلطن أستاذه الملك المعزّ أيبك التركمانىّ، فأمرنا قطز بالقعود، ثم أمر المنجّم فضرب الرّمل،