ثم قال له قطز: اضرب لمن يملك بعد أستاذى الملك المعزّ أيبك، ومن يكسر التّتار، فضرب وبقى زمانا يحسب، فقال: يطلع معى خمس حروف بلا نقط. فقال له قطز: لم لا تقول محمود بن ممدود، فقال: يا خوند لا ينفع غير هذا الاسم، فقال:
أنا هو، أنا محمود بن ممدود، وأنا أكسر التّتار وآخذ بثأر خالى خوارزم شاه، فتعجّبنا من كلامه، وقلنا: إن شاء الله يكون هذا يا خوند، فقال: اكتموا ذلك، وأعضى المنجّم ثلثمائة درهم.
قلت: ونقل الشيخ قطب الدين اليونينىّ فى تاريخه الذي ذيلّه على مرآة الزمان، فقال فى أمر المنجّم غير هذه الصورة. وسنذكرها فى سياق كلام قطب الدين المذكور. قال (أعنى قطب الدين) : كان المظفّر أخصّ مماليك الملك المعزّ وأقربهم إليه وأوثقهم عنده. وهو الذي قتل الأمير فارس الدين أقطاى الجمدار.
قال: وكان الملك المظفّر بطلا شجاعا مقداما حازما حسن التدبير لم يكن يوصف بكرم ولا شحّ بل كان متوسّطا فى ذلك، وذكر حكايته لمّا أن قتل جواده يوم الوقعة بنحو ممّا حكيناه، لكنّه زاد بأن قال: فلام المظفّر بعض خواصّه على عدم ركوبه، وقال: يا خوند- لو صادفك، والعياذ بالله تعالى- بعض المغل وأنت راجل كنت رحت وراح الإسلام! فقال: أما أنا فكنت رحت إلى الجنّة- إن شاء الله تعالى- وأما الإسلام فما كان الله ليضيعه؛ فقد مات الملك الصالح نجم الدين أيّوب، وقتل بعده ابنه الملك المعظّم توران شاه، وقتل الأمير فخر الدين ابن الشيخ مقدّم العساكر يوم ذاك، ونصر الله الإسلام بعد اليأس من نصره! (يعنى عن نوبة أخذ الفرنج دمياط) . ثم قال قطب الدين، بعد ما ساق توجّهه إلى دمشق وإصلاح أمرها إلى أن قال: وقتل الملك المظفّر قطز مظلوما بالقرب من القضير وهى المنزلة التى بقرب الصالحية، وبقى ملقى بالعراء فدفنه بعض من كان فى خدمته