فأجاب ورحل إليه، فوفّى إليه المستنصر وأنزله معه فى الدّهليز. وكان الحاكم لمّا نزل على عانة امتنع أهلها منه، وقالوا: قد بايع الملك الظاهر خليفة وهو واصل فما نسلّمها إلّا إليه؛ فلمّا وصل المستنصر بالله إليها نزل إليه نائبها وكريم الدين ناظرها وسلّماها إليه وحملا له إقامة، فأقطعها الخليفة للأمير ناصر الدين أغلمش «١» أخى الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ. ثم رحل الخليفة عنها إلى الحديثة ففتحها أهلها له، فجعلها خاصّا له، ثم رحل عنها ونزل على شطّ قرية الناووسة «٢» ؛ ثم رحل عنها قاصدا هيت «٣» ، ولمّا اتّصل مجىء الخليفة المستنصر بالله بقرابغا مقدّم عسكر التّتار بالعراق، وبهادر «٤» علىّ الخوارزمىّ شحنة بغداد وخرج قرابغا بخمسة آلاف فارس من التّتار على الشطّ العراقى وقصد الأنبار، فدخلها إغارة؛ وقتل جميع من فيها، ثم ردفه الأمير بهادر علىّ الخوارزمىّ بمن بقى ببغداد من عساكر التّتار، وكان قد بعث ولده إلى هيت متشوّقا لما يرد من أخبار المستنصر، وقرّر معه أنّه إذا اتّصل به خبره بعث بالمراكب إلى الشطّ الآخر وأحرقها؛ فلمّا وصل الخليفة هيت أغلق أهلها الباب دونه، فنزل عليها وحاصرها حتّى فتحها، ودخلها فى التاسع والعشرين من ذى الحجّة، ونهب من فيها من اليهود والنّصارى؛ ثم رحل عنها ونزل الدور «٥» وبعث طليعة من عسكره مقدّمها الأمير أسد الدين محمود ابن الملك المفضّل موسى، فبات تجاه الأنبار «٦» تلك اللّيلة، وهى ليلة الأحد ثالث المحرّم من سنة ستين وستمائة؛ فلمّا رأى قرابغا