الطليعة أمر من معه من العساكر بالعبور إليها فى المخائض والمراكب ليلا، فلمّا أسفر الصبح أفرد قرابغا من معه من عسكر بغداد ناحية.
وأمّا الخليفة فإنّه رتّب اثنى عشر طلبا، وجعل التّركمان والعربان ميمنة وميسرة وباقى العساكر قلبا؛ ثم حمل بنفسه مبادرا وحمل من كان معه فى القلب فآنكسر بهادر، ووقع معظم عسكره فى الفرات؛ ثم خرج كمين من التّتار، فلمّا رآه التّركمان والعرب هربوا، وأحاط الكمين بعسكر الخليفة فصدق المسلمون الحملة، فأفرج لهم التّتار، فنجا الحاكم وشرف «١» الدين بن مهنّا وناصر الدين بن صيرم وبوزنا «٢» وسيف الدين بلبان الشّمسى وأسد الدين محمود وجماعة من الجند نحو الخمسين نفرا، وقتل الشريف نجم الدين [جعفر «٣» ] أستادار الخليفة، وفتح الدين بن الشهاب أحمد، وفارس الدين «٤» [أحمد «٥» ] بن أزدمر اليغمورىّ، ولم يوقع للخليفة المستنصر على خبر، فقيل إنّه: قتل فى الوقعة وعفّى أثره؛ وقيل: إنّه نجا مجروحا فى طائفة من العرب فمات عندهم؛ وقيل: سلم وأضمرته البلاد.
وأمّا السلطان الملك الظاهر بيبرس فإنّه لمّا عاد إلى مصر عاد بعده بلبان الرشيدىّ فى أثره وعاد البرنلى إلى حلب ودخلها وملكها، فجرّد إليه الملك الظاهر عسكرا ثانيا، عليهم الأمير شمس الدين سنقر الرومىّ، وأمره بالمسير إلى حلب؛ ثمّ إلى الموصل وكتب إلى الأمير علاء الدين طيبرس نائب السلطنة بدمشق وإلى الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارىّ يأمرهما أن يكونا معه بعسكرهما حيث توجّه يتوجّه الجميع، فسار الجميع إلى جهة حلب، فخرج البرنلى من حلب وتسلّم نوّاب أيدكين