وأمّا سيرته وأحكامه وشرف نفسه حكى: أنّ الأشرف صاحب حمص كتب إليه يستأذنه فى الحجّ، وفى ضمن الكتاب شهادة عليه أنّ جميع ما يملكه انتقل عنه إلى الملك الظاهر، فلم يأذن له الملك الظاهر فى تلك السنة غضبا منه لكونه كتب ذلك، واتّفق أنّ الأشرف مات بعد ذلك فتسلّم الملك الظاهر حصونه التى كانت بيده ولم يتعرّض للتركة، ومكّن ورثته من الموجود والأملاك، وكان شيئا كثيرا إلى الغاية، ودفع الملك الظاهر إليهم الشهادة وقد تجنّبوا التّركة لعلمهم بالشهادة.
ومنها أن شعرا «١» بانياس وهى إقليم يشتمل على أرض «٢» كثيرة عاطلة بحكم استيلاء الفرنج على صفد، فلمّا افتتح صفد أفتاه بعض العلماء باستحقاق الشعرا فلم يرجع إلى الفتيا، وتقدّم أمره أنّ من كان له فيها ملك قديم فليتسلّمه.
وأمّا صدقاته فكان يتصدّق فى كلّ سنة بعشرة آلاف إردب قمح فى الفقراء والمساكين وأرباب الزوايا، وكان يرتّب لأيتام الأجناد ما يقوم بهم على كثرتهم، ووقف وقفا على تكفين أموات الغرباء بالقاهرة ومصر، ووقفا ليشترى به خبز ويفرّق فى فقراء المسلمين، وأصلح قبر خالد بن الوليد- رضى الله عنه- بحمص، ووقف وقفا على من هو راتب فيه من إمام ومؤذّن وغير ذلك، ووقف على قبر أبى عبيدة بن الجرّاح- رضى الله عنه- وقفا مثل ذلك، وأجرى على أهل الحرمين والحجاز وأهل بدر وغيرهم ما كان انقطع فى أيّام غيره من الملوك.