وأمّا عمائره: المدارس والجوامع والأسبلة والأربطة فكثيرة، وغالبها معروفة به، وكان يخرج كلّ سنة جملة مستكثرة يستفكّ بها من حبسه القاضى من المقلّين، وكان يرتّب فى أوّل شهر رمضان بمصر والقاهرة مطابخ لأنواع الأطعمة، وتفرّق على الفقراء والمساكين.
وأمّا حرمته ومهابته، منها: أنّ يهوديا دفن بقلعة جعبر عند قصد التّتار لها مصاغا وذهبا وهرب بأهله إلى الشام واستوطن حماة، فلمّا أمن كتب إلى صاحب حماة يعرّفه ويسأله أن يسيّر معه من يحفظه ليأخذ خبيئته ويدفع لبيت المال نصفه، فطالع صاحب حماة الملك الظاهر بذلك، فردّ عليه الجواب أنّه يوجّهه مع رجلين ليقضى حاجته؛ فلّما توجهوا مع اليهودىّ ووصلوا إلى الفرات امتنع من كان معه من العبور فعبر اليهودىّ وحده، فلمّا وصل وأخذ فى الحفر هو وابنه وإذا بطائفة من العرب على رأسه، فسألوه عن حاله فأخبرهم، فأرادوا قتله وأخذ المال، فأخرج لهم كتاب الملك الظاهر مطلقا إلى من عساه يقف عليه، فلمّا رأوا المرسوم كفّوا عنه وساعدوه حتّى استخلص ماله. ثم توجّهوا به إلى حماة وسلّموه إلى صاحب حماة، وأخذوا خطّه بذلك.
ومنها: أنّ جماعة من التّجّار خرجوا من بلاد العجم قاصدين مصر، فلمّا مرّوا بسيس منعهم صاحبها من العبور، وكتب إلى أبغا ملك التّتار، فأمره أبغا بالحوطة عليهم وإرسالهم إليه، وبلغ الملك الظاهر خبرهم، فكتب إلى نائب حلب بأن يكتب إلى نائب سيس، إن هو تعرّض لهم بشىء يساوى درهما واحدا أخذت «١» عوضه مرارا، فكتب إليه نائب حلب بذلك فأطلقهم، وصانع أبغا بن هولاكو