كلّ يوم مائة اردبّ مخبوزة تفرّق بجامع ابن طولون. ودام على ذلك إلى أن دخلت السنة الجديدة والمغلّ الجديد؛ وأبيع القمح فى الإسكندريّة فى هذا الغلاء الإردبّ بثلاثمائة وعشرين درهما.
وفيها أحضر بين يدى السلطان طفل ميّت له رأسان «١» وأربع أعين وأربع أيد وأربع أرجل، فأمر بدفنه.
وفيها توفّى القاضى كمال الدين أبو «٢» العبّاس أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأسدىّ الحلبىّ الشافعىّ المعروف بابن الأستاذ قاضى حلب، مولده سنة إحدى عشرة وستمائة، سمع الكثير وحدّث ودرّس، وكان فاضلا عالما مشكور السّيرة مات فى شوّال.
وفيها توفّى شيخ الشيوخ الصاحب شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن «٣» بن منصور الأنصارىّ الأوسىّ الدمشقىّ المولد الحموىّ الدار والوفاة الإمام الأديب العلّامة، مولده يوم الأربعاء ثانى عشرين جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين وخمسمائة، وسمع الحديث وتفقّه وبرع فى الفقه والحديث والأدب، وأفتى ودرّس وتقدّم عند الملوك، وترسّل عنهم غير مرّة. وكانت له الوجاهة التامّة وله اليد الطّولى فى الترسّل والنظم، وشعره فى غاية الحسن. ومن شعره- رحمه الله- قوله:
إنّ قوما يلحون فى حبّ سعدى ... لا يكادون يفقهون حديثا