الظاهر فى دار العدل بدمشق وجرى الحديث فى هذا المعنى بحضور القضاة الأربعة والعلماء وغيرهم، فكلّ من القضاة ألان له القول وخشى سطوة الملك الظاهر إلّا شمس الدين هذا، فإنّه صدع بالحقّ وقال: ما يحلّ لمسلم أن يتعرّض لهذه الأملاك والبساتين! فإنّها بيد أربابها ويدهم ثابتة عليها. فغضب الملك الظاهر من هذا القول وقام من دار العدل وقال: إذا كنّا ما نحن مسلمون إيش قعودنا! فشرع الأمراء يتألّفوه ولا «١» زالوا به حتى سكن غضبه؛ فلمّا رأى الظاهر صلابة دينه حظى عنده وقال: أثبتوا كتبنا عند هذا القاضى الحنفىّ وعظم فى عينه وهابه.
وكان من العلماء الأعيان تامّ الفضيلة وافر الديانة كريم الأخلاق حسن العشرة كثير التواضع عديم النظير، وانتفع بعلمه جمّ غفير، رحمه الله تعالى.
وفيها توفّى الشيخ جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد ابن محمد التّكريتىّ الجدّ، الموصلىّ الأب، الدمشقىّ المولد، المحلىّ الوفاة المعروف- بابن الطحّان الشهير بالحافظ اليغمورىّ، كان فاضلا سمع الكثير بعدّة بلاد، وكان له مشاركة فى فنون، وكان أديبا شاعرا. ومن شعره:
رجع الودّ على رغم الأعادى ... وأتى الوصل على وفق مرادى
ما على الأيام ذنب بعد ما ... كفّر القرب إساءات البعاد
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفى الحافظ وجيه الدين أبو المظفّر منصور بن سليم الهمدانى «٢» بالإسكندريّة فى شوّال. وقاضى القضاة