سيف الدين بيدغان الرّكنى، ثم بدا لهم أن يرجعوا به إلى القلعة فعادوا إليها فى نهار الاثنين لأمر أرادوه وقرّروه معه ثم أمروه بالتوجّه؛ فخرج وسافر ليلة الثلاثاء إلى الكرك بمن معه فوصلها يوم الاثنين خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، وتسلّم أخوه نجم الدين خضر الشّوبك، وكان الأمير بيدغان ومن معه قد فارقوا الملك السعيد من غزّة ورجعوا إلى الديار المصريّة؛ وأقام الملك السعيد بالكرك وزال ملكه؛ فكانت مدّة حكمه وسلطنته بعد موت أبيه الملك الظاهر بيبرس إلى يوم خلعه سنتين وشهرين «١» وخمسة عشر يوما، واستمرّ بالكرك مع مماليكه وعياله، وقصده الناس والأجناد، فصار ينعم على من يقصده، واستكثر من استخدام المماليك.
ثم رسم الأمير سيف الدين قلاوون بانتقال الملك خضر من الشّوبك إلى عند أخيه الملك السعيد بالكرك، وتسلّم نوّاب قلاوون الشّوبك؛ ودام الملك السعيد على ذلك حتى خلع سلامش من السلطنة وتسلطن قلاوون حسب ما يأتى ذكر ذلك كلّه فى ترجمتهما.
فلمّا تسلطن قلاوون بلغه عن الملك السعيد أنّه استكثر من استخدام المماليك وأنّه ينعم على من يقصده فاستوحش منه، وتأثّر من ذلك. فمرض الملك السعيد بعد ذلك بمدّة يسيرة وتوفّى، رحمه الله تعالى، فى يوم الجمعة حادى عشر ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وستمائة بالكرك، ودفن من يومه بأرض «٢» مؤتة عند جعفر بن أبى طالب، رضى الله عنه، ثم نقل بعد ذلك إلى دمشق فى سنة «٣» ثمانين وستمائة فدفن إلى جنب والده الملك الظاهر بيبرس بالتّربة التى أنشأها قبالة المدرسة العادليّة «٤» السّيفيّة، وألحده