بجميع الجيش، واستخدم المماليك وأنفق الأموال، وجمع خلقا عظيما وحضر عنده عرب الأميرين: ابن مهنّا وابن حجّىّ ونجدة حلب ونجدة حماة، مقدّمهما الملك الأفضل نور الدين علىّ أخو صاحب حماة؛ ورجّالة كثيرة من جبال بعلبكّ، ورتّب العساكر والأطلاب بنفسه وصفّ العساكر ميمنة وميسرة ووقف هو تحت عصائبه؛ وسار العسكر المصرى أيضا بترتيب هائل وعساكر كثيرة، والأطلاب أيضا مرتّبة، والتقى الجيشان فى يوم الأحد [سادس «١» عشر صفر] وقت طلوع الشمس فى المكان المذكور وتقاتلا أشدّ قتال، وثبت كلّ من الطائفتين ثباتا لم يسمع بمثله إلّا نادرا لا سيّما الملك الكامل سنقر الأشقر، فإنّه ثبت وقائل بنفسه قتالا شديدا، واستمرّ المصافّ بين الطائفتين إلى الرابعة من النهار ولم يقتل من الفريقين إلا نفر يسير جدّا، وأمّا الجراح فكثيرة. فلمّا كانت الساعة الرابعة من النهار خامر أكثر عسكر دمشق على الملك الكامل سنقر الأشقر وغدروا به وانضافوا إلى العسكر المصرىّ، وكان «٢» لما وقع العين على العين قبل أن يلتحم القتال انهزم عساكر حماة وتخاذل عسكر الشام على الكامل، فمنهم: من دخل بساتين دمشق واختفى بها، ومنهم من دخل دمشق راجعا، ومنهم من ذهب إلى طريق بعلبكّ، فلم يلتفت الملك الكامل لمن ذهب منه من العساكر وقاتل، فلمّا انهزم عنه من ذكرنا فى حال القتال ضعف أمره ومع هذا استمرّ يقاتل بنفسه ومماليكه إلى أن رأى الأمير عيسى بن مهنّا الهزيمة على الملك الكامل أخذه ومضى به إلى الرّحبة «٣» ، وأنزله عنده ونصب له بيوت الشّعر.
وأمّا الأمير شهاب الدين أحمد بن حجّىّ فإنّه دخل إلى دمشق بالأمان، ودخل وطاعة الملك المنصور قلاوون.