وأمّا عساكر الشام فإنهم اجتمعوا على القصب من عمل حمص، ثم عاد أكثر الأمراء إلى جهة دمشق وطلبوا الأمان من مقدّم العساكر المصرية الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ.
وأمّا العساكر المصرية فإنّهم ساقوا من وقتهم إلى مدينة دمشق وأحاطوا بها، ونزلوا بخيامهم ولم يتعرّضوا للزحف، وراسلوا من بالقلعة إلى العصر من ذلك النهار، وفتح من المدينة باب الفرج ودخل منه إلى دمشق بعض مقدّمى الجيش؛ ثم طلب من بالقلعة الأمان فأمّنهم سنجر الحلبى، ففتحت القلعة فدخلوا إليها من الباب الذي داخل المدينة وتسلّموها بالأمان وأفرجوا عن جماعة كثيرة من الأمراء وغيرهم، كان اعتقلهم سنقر الأشقر، منهم: الأمير ركن الدين «١» بيبرس العجمىّ المعروف بالجالق، والجالق: اسم للفرس الحادّ المزاج باللغة التركية، والأمير حسام الدين لاچين «٢» المنصورىّ، والقاضى تقىّ الدين توبة «٣» التّكريتىّ وغيرهم.
وكتب الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ بالنصر إلى الملك المنصور قلاوون فسرّ المنصور بذلك، ودقّت البشائر لذلك أياما بالديار المصرية وزيّنت القاهرة ومصر.
وأما سنجر الحلبىّ فإنه لما ملك دمشق وقلعتها جهز فى الحال قطعة جيّدة من الجيش المصرىّ تقارب ثلاثة آلاف فارس فى طلب سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء والجند. ثم حضر جواب الملك المنصور قلاوون بسرعة يتضمّن: بأننا قد عفونا عن جميع الناس الخاصّ والعام أرباب السيوف والأقلام، وأمّنّاهم على أنفسهم وأهليهم وأموالهم؛ وحضر التشريف للأمير حسام الدين لاچين المنصورى