فتكلّم كتبغا فى أمره مع الأمراء، فاتّفقوا على إظهار أمره لما رأوا فى ذلك من إصلاح الحال، فطيّب كتبغا خاطر الأمير حسام الدين لاچين ووعده أن يتكلّم فى أمره مع السلطان والمماليك الأشرفيّة. ولا زال كتبغا بالسلطان والحاشية حتى رضّاهم عليه وطيّب قلوبهم إلى أن كان يوم عيد الفطر، ظهر حسام الدين لاچين من دار كتبغا، وحضر السّماط وقبّل الأرض بين يدى السلطان الملك الناصر محمد، فخلع عليه السلطان وطيب قلبه، ولم يعاتبه بما فعل مع أخيه الملك الأشرف خليل مراعاة لخاطر كتبغا. ثم خلع عليه الأمير كتبغا أيضا، وحملت إليه الهدايا والتّحف من الأمراء وغيرهم؛ كلّ ذلك لأجل خاطر كتبغا. واصطلحت أيضا معه المماليك الأشرفيّة على ما فى نفوسهم منه من قتل أستاذهم بأمر كتبغا لهم وإلحاحه عليهم فى ذلك حتى قبلوا كلامه. وكانت مكافأة لاچين لكتبغا بعد هذا الإحسان كله بأن دبّر عليه حتّى أخذ الملك منه وتسلطن عوضه على ما يأتى ذكره وبيانه إن شاء الله تعالى.
ثمّ خلع السلطان على الصاحب تاج «١» الدين محمد ابن الصاحب فخر «٢» الدين محمد ابن الصاحب بهاء «٣» الدين علىّ بن حنّا باستقراره فى الوزارة بالديار المصريّة.
ثمّ استهلت سنة أربع وتسعين وستمائة والخليفة الحاكم بأمر الله أبو العبّاس أحمد. وسلطان مصر والشام الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومدبّر مملكته الأمير كتبغا المنصورىّ. ولمّا كان عاشر المحرّم ثار جماعة من المماليك الأشرفيّة خليل فى الليل بمصر والقاهرة وعملوا عملا قبيحا وفتحوا أسواق السلاح بالقاهرة بعد حريق باب «٤» السعادة، وأخذوا خيل السلطان وخرقوا ناموس الملك، وذلك كلّه بسبب