فى يوم خلع الملك الناصر، وهو يوم الخميس ثانى عشر المحرّم سنة أربع وتسعين وستمائة بعد واقعة المماليك الأشرفيّة بيومين، وأدخل الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الدور بالقلعة، وأمره كتبغا بألّا يركب ولا يظهر. وكان عمره يوم خلع نحو العشر سنين.
وكانت مدّة سلطنته فى هذه المرّة الأولى سنة واحدة إلا ثلاثة أيام أو أقلّ. ويأتى بقية ترجمته فى سلطنته الثانية والثالثة إن شاء الله تعالى.
السنة «١» الأولى من سلطنة الملك الناصر محمد الأولى على مصر على أنّه لم يكن له من السلطنة فيها إلّا مجرّد الاسم فقط، وإنّما كان الأمر أوّلا للأمير علم الدين سنجر الشجاعى ثم للأمير كتبغا المنصورىّ، وهى سنة ثلاث وتسعين وستمائة، على أنّ الأشرف قتل فى أوائلها فى المحرّم حسب ما تقدّم ذكره.
فيها توفّى الصاحب فخر الدين أبو العبّاس إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد الشّيبانىّ الإسعردىّ ثم المصرىّ، رئيس الموقّعين بالديار المصريّة، ثم الوزير بها ولى الوزارة مرّتين، وكان مشكور السّيرة قليل الظّلم كثير العدل والإحسان للرعيّة.
وفى أيام وزارته سعى فى إبطال مظالم كثيرة، وكان يتولّى الوزارة بجامكيّة «٢» الإنشاء، وعند ما يعزلونه من الوزارة يصبح يأخذ غلامه الحرمدان «٣» خلفه، ويروح يقعد فى ديوان الإنشاء وكأنّه ما تغيّر عليه شىء، وكان أصله من العدن «٤» من بلاد إسعرد وتدرّب فى الإنشاء بالصاحب بهاء الدين «٥» زهير حتى برع فى الإنشاء وغيره.