وفيها توفّى قتيلا الملك كيختو ملك التّتار قتله ابن أخيه بيدو «١» .
قلت: وهنا نكتة غريبة لم يفطن إليها أحد من مؤرّخى تلك الأيام، وهى أنّ سلطان الديار المصرية الملك الأشرف خليل بن قلاوون قتله نائبه الأمير بيدرا، وملك التتار كيختو هذا أيضا قتله ابن أخيه بيدرا «٢» ، وكلاهما فى سنة واحدة، وذاك فى الشرق وهذا فى الغرب. انتهى.
وملك بعد كيختو بيدو المذكور الذي قتله.
قلت: وكذلك وقع للأشرف خليل؛ فإن بيدرا ملك بعده يوما واحدا وتلقّب بالملك الأوحد. وعلى كلّ حال فإنّهما تشابها أيضا. انتهى. وكان بيدو الذي ولى أمر التّتار يميل إلى دين النّصرانيّة، وقيل إنه تنصّر، لعنه الله، ووقع له مع الملك غازان أمور يطول شرحها.
وفيها قتل الوزير الصاحب شمس الدين محمد بن عثمان بن أبى الرجاء التّنوخىّ الدمشقىّ التاجر المعروف بابن السّلعوس. قال الشيخ صلاح الدين الصّفدى: كان فى شبيبته يسافر بالتجارة، وكان أشقر سمينا أبيض معتدل القامة فصيح العبارة حلو المنطق وافر الهيبة كامل الأدوات خليقا للوزارة تامّ الخبرة زائد الإعجاب عظيم التّيه، وكان جارا للصاحب تقىّ الدين البيّع «٣» ، فصاحبه ورأى فيه الكفاءة فاخذ له حسبة دمشق، ثم توجّه إلى مصر وتوكّل للملك الأشرف خليل فى دولة أبيه، فجرى عليه نكبة من السلطان فشفع فيه مخدومه الأشرف خليل، وأطلقه من الاعتقال، وحج فتملّك الأشرف فى غيبته. وكان محبّا له فكتب إليه بين الأسطر: يا شقير، يا وجه الخير، قدّم السّير. فلمّا قدم وزره. وكان إذا ركب تمشى الأمراء الكبار فى خدمته. انتهى.