ولمّا كان بكرة يوم الاثنين المذكور خرج السلطان الملك العادل من دمشق بعساكره وجيوشه نحو الديار المصريّة، وسار حتى نزل باللّجّون «١» بالقرب من وادى فحمة «٢» فى بكرة يوم الاثنين ثامن عشرين المحرّم من سنة ست وتسعين، وكان الأمير حسام الدين لاچين المنصورىّ نائب السلطنة قد اتّفق مع الأمراء على الوثوب على السلطان الملك العادل كتبغا هذا والفتك به، فلم يقدر عليه لعظم شوكته؛ فدبّر أمرا آخر وهو أنّه ابتدأ أوّلا بالقبض على الأميرين: بتخاص وبكتوت الأزرق العادليين، وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند أستاذهما الملك العادل المذكور، فركب لاچين بمن وافقه من الأمراء على حين غفلة وقبض على الأميرين المذكورين وقتلهما فى الحال، وقصد مخيّم السلطان فمنعه بعض مماليك السلطان قليلا وعوّقوه عن الوصول إلى الملك العادل. وكان العادل لمّا بلغه هذا الأمر علم أنّه لا قبل «٣» له على قتال لاچين لعلمه بمن وافقه من الأمراء وغيرهم وخاف على نفسه، وركب من خيل النّوبة فرسا تسمّى حمامة وساق لقلّة سعده ولزوال ملكه راجعا إلى الشام، ولو أقام بمخيّمه لم يقدر لاچين على قتاله وأخذه، فما شاء الله كان! وساق حتى وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرّم قرب العصر، ومعه أربعة أو خمسة من