خواصّه. وكان وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرّم أوّل النهار أمير شكار السلطان، وأخبر نائب الشام بصورة الحال وهو مجروح، فتهيأ نائب الشام الأمير أغزلو العادلىّ واستعدّ وأحضر أمراء الشام عند السلطان ورسم بالاحتياط على نوّاب الأمير حسام الدين لاچين وعلى حواصله بدمشق، وندم الملك العادل على ما فعله مع لاچين هذا من الخير والمدافعة عنه، من كونه كان أحد من أعانه على قتل الأشرف، وعلى أنّه ولّاه نيابة السلطنة، وفى الجملة أنّه ندم حيث لا ينفعه الندم! وعلى رأى من قال:" أشبعتهم سبّا وفازوا بالإبل" ومثله أيضا قول القائل:
من راقب الناس مات غمّا ... وفاز باللّذة الجسور
ثم إنّ الملك العادل طلب قاضى قضاة دمشق بدر الدين «١» بن جماعة فحضر بين يدى السلطان هو وقاضى القضاة حسام «٢» الدين الحنفىّ، وحضرا عند الملك العادل تجليف الأمراء والمقدّمين وتجديد المواثيق منهم، ووعدهم وطيّب قلوبهم.
وأمّا الأمير حسام الدين لاچين فإنّه استولى على دهليز السلطان والخزائن والحرّاس والعساكر من غير ممانع، وتسلطن فى الطريق ولقّب بالملك المنصور حسام الدين لاچين، وتوجّه إلى نحو الديار المصريّة وملكها وتمّ أمره، وخطب له بمصر وأعمالها والقدس والساحل جميعه.
وأمّا الملك العادل فإنّه أقام بقلعة دمشق هذه الأيّام كلّها لا يخرج منها، وأمّر جماعة بدمشق، وأطلق بعض المكوس بها، وقرئ بذلك توقيع يوم الجمعة سادس عشر صفر بعد صلاة الجمعة بالجامع. وبينما هو فى ذلك ورد الخبر على أهل دمشق بأنّ