ولمّا حج القاضى تقىّ الدين هذا وزار قبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنشد عند الحجرة [النبويّة «١» ] قصيدته التى مطلعها:
الناس بين مرجّز ومقصّد ... ومطوّل فى مدحه ومجوّد
ومخبّر عمّن روى ومعبّر ... عمّا رآه من العلا والسّودد
وفيها توفّى الشيخ الإمام الأديب البارع المفتنّ سراج الدين أبو حفص عمر بن محمد ابن الحسين «٢» المصرىّ المعروف بالسّراج الورّاق الشاعر المشهور. مولده فى العشر الأخير من شوّال سنة خمس عشرة وستمائة، ومات فى جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بالقرافة. وكان إماما فاضلا أديبا مكثرا متصرّفا فى فنون البلاغة، وهو شاعر مصر فى زمانه بلا مدافعة. ومن شعره:
فى خدّه ضلّ علم الناس واختلفوا ... أللشقائق أم للورد نسبته
فذاك بالخال يقضى للشقيق وذا ... دليله أنّ ماء الورد ريقته
وله:
كم قطع الجود من لسان ... قلّد من نظمه النّحورا
فهأنا شاعر سراج ... فاقطع لسانى أزدك نورا
وله:
لا تحجب الطّيف إنّى عنه محجوب ... لم يبق منى لفرط السّقم مطلوب
ولا تثق بأنينى إنّ موعده ... بأن أعيش للقيا الطّيف مكذوب
هذا وخدّك مخضوب يشاكله ... دمع يفيض على خدىّ مخضوب
وليس للورد فى التشبيه رتبته ... وإنّما ذاك من معناه تقريب