للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند الأمراء المحبوسين. فلمّا دخل إلى الجبّ قام إليه الأمير شمس الدين سنقر الأعسر «١» وتلقاه متهكّما عليه، ثم قام إليه الأمير عز الدين أيبك الحموى وشتمه، وأراد قتله، لأنّ منكوتمر هذا كان هو السبب فى مسك هؤلاء الأمراء، وإقلاب الدولة من حرصه على أنّ الأمر يفضى إليه ويتسلطن بعد أستاذه. فأقام منكوتمر نحو ساعة فى الجبّ وراح الأمير طغجى إلى داره حتى يقضى شغلا له، فآغتنم كرجى غيبته وأخذ معه جماعة وتوجّه إلى باب الحبس وأطلع منكوتمر صورة أنهم يريدون تقييده كما جرت العادة فى أمر المحتبسين، فامتنع من الطلوع فألحوا عليه وأطلعوه وذبحوه على باب الجبّ، ونهبوا داره وأمواله. ثم اتّفقوا كما هم فى الليل على سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون وعوده إلى ملكه كونه ابن استاذهم، وأن يكون سيف الدين طغجى نائب السلطنة، ومهما عملوه يكون باتّفاق الأمراء، وحلفوا على هذا الأمر.

كلّ ذلك فى تلك الليلة قبل أن يطلع الفجر وأصبح نهار الجمعة حلّفوا الأمراء والمقدّمين والعسكر جميعه للملك الناصر محمد بن قلاوون ونائب السلطنة طغجى. وسيّروا فى الحال خلف الملك الناصر محمد يطلبونه من الكرك، وركب الأمير طغجى يوم السبت فى الموكب والتفّ عليه العسكر وطلع إلى قلعة الجبل، وحضر الأمراء الموكب ومدّ السّماط كما جرت العادة به من غير هرج ولا غوغاء وكأنّه لم يجر شىء، وسكنت الفتنة، وفرح غالب الناس بزوال الدولة لأجل منكوتمر. ودام ذلك إلى أن كان يوم الاثنين رابع عشر شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وتسعين المذكورة، وصل الأمير بدر الدين بكتاش أمير سلاح عائدا من الشام من فتوح سيس، وصحبته العساكر المتوجّهة معه، وكان قد راح إليه جماعة من أمراء مصر لتلقيه إلى بلبيس