للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا السلطان الملك الناصر وعساكره فإنه سار هو بخواصّه بعد الوقعة إلى جهة الكسوة «١» . وأمّا العساكر المصرية والشامية فلا يمكن أن يعبّر عن حالهم، فإنه كان أكبر الأمراء يرى وهو وحده وقد عجز عن الهرب ليس معه من يقوم بخدمته وهو مسرع فى السّير خائف متوجّه إلى جهة الكسوة لا يلوى على أحد، قد دخل قلوبهم الرّعب والخوف، تشتمهم العامة وتوبّخهم بسبب الهزيمة من التتار، وكونهم كانوا قبل ذلك يحكمون فى الناس ويتعاظمون عليهم، وقد صار أحدهم الآن أضعف من الهزيل، وأمعنوا العامّة فى ذلك وهم لا يلتفتون إلى قولهم، ولا ينتقمون من أحد منهم.

قلت: وكذا وقع فى زماننا هذا فى وقعة تيمور لنك وأعظم، فإنّ هؤلاء قاتلوا وكسروا ميمنة التّتار، إلّا أصحابنا فإنّهم سلّموا البلاد والعباد من غير قتال! حسب ما يأتى ذكره فى محلّه من ترجمة السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق. انتهى.

قال: وعجز أكثر الأمراء والجند عن التوجّه إلى جهة مصر خلف السلطان بسبب ضعف فرسه «٢» ، فصار الجندىّ يغير زيّه حتى يقيم بدمشق خيفة من توبيخ العامّة له، حتى بعضهم حلق شعره وصار بغير دبوقة «٣» .

قال الشيخ قطب الدين اليونينىّ: مع أنّ الله تعالى لطف بهم لطفا عظيما إذ لم يسق عدوّهم خلفهم ولا تبعهم إلا حول المعركة وما قاربها، وكان ذلك لطفا من الله تعالى بهم، وبقى الأمر على ذلك إلى آخر يوم الخميس سادس شهر ربيع الاخر، فوصل أربعة من التتار ومعهم الشريف القمّىّ «٤» وتكلّموا مع أهل دمشق، فلم ينبرم