للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوزير المغربىّ المذكور بباب القلعة عند بيبرس الجاشنكير وسلّار. فحضر بعض كتّاب النصارى، فقام إليه المغربىّ يتوهّم أنه مسلم ثم ظهر له أنه نصرانىّ فقامت قيامته، وقام من وقته ودخل إلى السلطان بحضرة الأمير سلّار وبيبرس مدبّرى مملكة الناصر محمد، وتحدّث معهم فى أمر النصارى واليهود، وأنهم عندهم فى بلادهم فى غاية الذّل والهوان، وأنهم لا يمكنونهم من ركوب الخيل، ولا من استخدامهم فى الجهات السلطانية والديوانية، وأنكر على نصارى ديار مصر ويهودها كونهم يلبسون أفخر الثياب ويركبون البغال والخيل، وأنهم يستخدمونهم فى أجلّ الجهات ويحكّمونهم فى رقاب المسلمين؛ ثم إنه ذكر عهد ذمّتهم قد انقضت من سنة ستمائة من الهجرة النبويّة، وذكر كلاما كثيرا من هذا النوع، فأثّر كلامه عند القلوب النّيّرة من أهل الدولة، وحصل له قبول من الخاصّ والعام بسبب هذا الكلام، وقام بنصرته الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير وجماعة كثيرة من الأمراء وافقوه على ذلك، ورأوا أنّ فى هذا الأمر مصلحة كبيرة لاظهار شعائر الاسلام. فلمّا كان [يوم الخميس «١» العشرون من] شهر رجب جمعوا النصارى واليهود ورسموا لهم ألّا يستخدموا فى الجهات السلطانيّة ولا عند الأمراء، وأن يغيّروا عمائمهم فيلبس النصارى عمائم زرقا وزنانيرهم مشدودة فى أوساطهم؛ وأنّ اليهود يلبسون عمائم صفرا، فسعوا الملّتان عند جميع أمراء الدولة وأعيانها، وساعدهم أعيان القبط وبذلوا الأموال الكثيرة الخارجة عن الحدّ للسلطان والأمراء على أن يعفوا من ذلك، فلم يقبل منهم شيئا.

وشدّد عليهم الأمير بيبرس الجاشنكير الأستادار- رحمه الله- غاية التشديد، فإنه هو الذي كان القائم فى هذا الأمر، عفا الله تعالى عنه وأسكنه الجنة بما فعله، فإنه رفع الاسلام بهذه الفعلة وخفض أهل الملّتين بعد أن وعد بأموال جمّة فلم يفعل.