للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: رحم الله ذلك الزمان وأهله ما كان أعلى هممهم، وأشبع نفوسهم! وما أحسن قول المتنبىّ:

أتى الزمان بنوه فى شبيبته ... فسرّهم وأتيناه على الهرم

ثم رسم السلطان الملك الناصر محمد بغلق الكنائس بمصر والقاهرة، فضرب على كل باب منها دفوف ومسامير «١» ، وأصبح يوم «٢» الثانى والعشرين من شهر رجب المبارك من سنة سبعمائة، وقد لبسوا اليهود عمائم صفرا، والنصارى عمائم زرقا، وإذا ركب أحد منهم بهيمة يكفّ إحدى رجليه، وبطلوا من الخدم السلطانية وكذلك من عند الأمراء؛ وأسلم لذلك جماعة كثيرة من النصارى، منهم: أمين الملك مستوفى الصّحبة «٣» وغيره. ثم رسم السلطان أن يكتب بذلك فى جميع بلاده من دنقلة «٤» إلى الفرات.

فأمّا أهل الإسكندرية لما وصل إليهم المرسوم سارعوا إلى خراب كنيستين عندهم، وذكروا أنهما مستجدّتان فى عهد الإسلام، ثم داروا إلى دورهم فما وجدوه أعلى على من جاورها من دور المسلمين هدموه، وكلّ من كان جاور مسلما فى حانوت أنزلوا مصطبة حانوته بحيث يكون المسلم أرفع منه، وفعلوا أشياء كثيرة