للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من هذا، وأقاموا شعار الإسلام كما ينبغى على العادة القديمة؛ ووقع ذلك بسائر الأقطار لا سيّما أهل دمشق، فإنهم أيضا أمعنوا فى ذلك. وعملت الشعراء فى هذا المعنى عدّة مقاطيع شعر، ومما قاله الشيخ شمس الدين الطيبىّ:

تعجّبوا للنصارى واليهود معا ... والسامريّين لمّا عمّموا الخرقا

كأنّما بات بالأصباغ منسهلا ... نسر السماء فأضحى فوقهم ذرقا

ومما قاله الشيخ علاء الدين كاتب ابن وداعة المعروف بالوداعىّ «١» فى المعنى وأجاد:

لقد الزموا الكفّار شاشات ذلّة ... تزيدهم من لعنة الله تشويشا

فقلت لهم ما ألبسوكم عمائما ... ولكنّهم قد ألبسوكم براطيشا

وفيها فى تاسع ذى القعدة وصل إلى القاهرة من حلب الأمير أنس يخبر بحركة التتار، وأنّ التتار قد أرسلوا أمامهم رسلا، وأنّ رسلهم قد قاربت الفرات، ثم وصلت الرسل المذكورة بعد ذلك بمدة إلى الديار المصرية فى ليلة الاثنين خامس عشر ذى الحجّة، وأعيان القصّاد ثلاثة نفر: قاضى «٢» الموصل وخطيبها كمال الدين «٣» بن بهاء الدين بن كمال الدين بن يونس الشافعى، وآخر عجمىّ وآخر تركىّ. ولما كان عصر يوم الثلاثاء جمعوا الأمراء والمقدّمين إلى القلعة وعملت الخدمة ولبسوا المماليك أفخر الثياب والملابس، وبعد العشاء الأخيرة أوقدوا الشموع نحوا من ألف شمعة، ثم أظهروا زينة عظيمة بالقصر، ثم أحضروا الرسل، وحضر القاضى بجملتهم وعلى رأسه طرحة، فقام وخطب خطبة بليغة وجيزة وذكر آيات كثيرة فى معنى الصلح واتّفاق الكلمة ورغّب فيه، ثم إنه دعا للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون،