قلت: وكانت ولاية أيوب هذا على مصر بعد عبد الملك بن رفاعة من قبل عمر ابن عبد العزيز في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين. فلما ولي أيوب هذا مصر جعل الفتيا بمصر إلى جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر، وجعل على الشرطة الحسن بن يزيد الرعيني، وزيد في عطايا الناس عامة، وعطلت حانات الخمر وكسرت بإشارة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، ونزحت القبط عن الكور، واستعملت [عليها] المسلمون، ونزعت أيديهم أيضاً عن المواريث واستعمل عليها المسلمون، وحسنت أحوال الديار المصرية في أيامه، وأخذ أيوب هذا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الأمور. وبينما هو في ذلك قدم عليه الخبر بموت الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في شهر رجب سنة إحدى ومائة وتولية يزيد بن عبد الملك بن مروان الخلافة، وأن يزيد أقر أيوب بن شرحبيل المذكور على عمله بمصر على الصلاة على عادته؛ فلم تطل مدة أيوب بعد ذلك، ومات في يوم سابع عشر شهر رمضان من سنة إحدى ومائة المذكورة، وقيل: لإحدى عشرة خلت من شهر رمضان؛ فكانت ولايته على مصر سنتين ونصف سنة؛ وتولى مصر بعده بشر بن صفوان الآتي ذكره.
وقال صاحب كتاب «البغية والاغتباط فيمن ولي الفسطاط» : إنه عزل (يعني أيوب هذا) في التاريخ المذكور من الشهر والسنة؛ غير أنه خالف ما ذكرناه من موته، وقال:«عزل» والله أعلم، ووافقه غيره على ذلك. والصحيح ما نقلناه، أنه توفي. غير أن يزيد لما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز غير غالب ما كان قرره عمر. وسببه أن عمر لما احتضر قيل له: اكتب إلى يزيد ابن عمك وأوصه بالأمة، قال: بماذا أوصيه! إنه من بني عبد الملك؛ ثم كتب إليه: «أما بعد، فاتق الله يا يزيد، واتق الصرعة بعد الغفلة حين لا تقال العثرة ولا تقدر على الرجعة، إنك تترك ما تترك