فى أصل هذه الترجمة، وأيضا أنه شقّ عليه ما صار إليه بيبرس الجاشنكير من القوّة والاستظهار عليه بكثرة خشداشيته البرجيّة، والبرجية كانت يوم ذاك مثل مماليك الأطباق الآن، وصار غالب البرجية أمراء، فاشتد شوكة بيبرس بهم بحيث إنّه أخرج الأمير سنجر الجاولى وصادره بغير اختيار سلّار، وعظمت مهابته وانبسطت يده بالتحكّم وانفرد بالركوب فى جمع عظيم، وقصد البرجية فى نوبة بكتمر الجوكندار إخراج الملك الناصر محمد إلى الكرك وسلطنة بيبرس، لولا ما كان من منع سلّار لسياسة وتدبير كانا فيه.
فلمّا وقع ذلك كلّه خاف سلّار عواقب الأمور من السلطان ومن بيبرس وتحيّل فى الخلاص من ذلك بأنه يحجّ فى جماعته، ثم يسير إلى اليمن فيملكها ويمتنع بها، ففطن بيبرس لهذا فدسّ عليه جماعة من الأمراء من أثنى عزمه عن ذلك، ثم اقتضى الرأى تأخير السفر حتى يعود جواب صاحب اليمن.
وفيها حبس الشيخ تقىّ الدين «١» بن تيميّة بعد أمور وقعت له.
وفيها توفّى الأمير عزّ الدين أيدمر السنانىّ بدمشق، وكان فاضلا وله شعر وخبرة بتفسير المنامات. ومن شعره:
تجد النّسيم إلى الحبيب رسولا ... دنف حكاه رقّة ونحولا
تجرى العيون من العيون صبابة ... فتسيل فى إثر الغريق سيولا
وتقول من حسد له يا ليتنى: ... كنت اتّخذت مع الرّسول سبيلا
وفيها توفّى الأمير ركن الدين بيبرس العجمىّ الصالحى المعروف بالجالق، و (الجالق باللّغة التركيّة: اسم للفرس الحادّ المزاج الكثير اللّعب) ، وكان أحد البحريّة