بيبرس؛ فلم يجب سلّار إلى ذلك وانفضّ المجلس، وخلا كلّ من أصحاب بيبرس وسلّار بصاحبه، وحسّن له القيام بالسلطنة وخوّفه عاقبة تركها، وأنه متى ولى غيره لا يوافقوه بل يقاتلونه. وبات البرجية فى قلق خوفا من ولاية سلّار، وسعى بعضهم إلى بعض، وكانوا أكثر جمعا من أصحاب سلّار، وأعدّوا السلاح وتأهّبوا للحرب. فبلغ ذلك سلّار فخشى سوء العاقبة، واستدعى الأمراء إخوته وحفدته ومن ينتمى إليه، وقرّر معهم سرا موافقته على ما يشير به، وكان مظاعا فيهم فأجابوه؛ ثم خرج فى شباك النيابة ووقع نحو ممّا حكيناه من عدم قبوله السلطنة وقبول بيبرس الجاشنكير هذا، وتسلطن حسب ما ذكرناه وتمّ أمره واجتمع الأمراء على طاعته ودخلوا إلى الخدمة على العادة فى يوم الاثنين خامس عشرين شوّال، فأظهر بيبرس التغمّم بما صار إليه. وخلع على الأمير سلار خلعة النيابة على عادته بعد ما استعفى وطلب أن يكون من جملة الأمراء، وألحّ فى ذلك حتى قال له الملك المظفّر بيبرس:
إن لم تكن أنت نائبا فلا أعمل أنا السلطنة أبدا، فقامت الأمراء على سلّار إلى أن قبل ولبس خلعة النيابة، ثم عيّنت الأمراء للتوجّه إلى النوّاب بالبلاد الشامية وغيرها، فتوجّه إلى نائب دمشق، وهو الأمير جمال الدين آقوش الأفرم الصغير المنصورىّ، الأمير أيبك البغدادىّ ومعه آخر يسمّى شادى «١» ومعهما كتاب، وأمرهما أن يذهبا إلى دمشق ويخلّفا نائبه المذكور وسائر الأمراء بدمشق، وتوجّه إلى حلب الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدىّ وطيبرس الجمدار وعلى يليهما كتاب مثل ذلك، وتوجّه إلى حماة الأمير سيف الدين بلاط الجوكندار وطيدمر الجمدار، وتوجّه إلى صفد عزّ الدين أزدمر الإسماعيلىّ وبيبرس بن عبد الله، وتوجّه إلى طرابلس