للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزّ الدين أيدمر اليونسى وأقطاى الجمدار. وخطب له بالقاهرة ومصر فى يوم الجمعة التاسع والعشرين من شوّال المذكور، وتوجه الأمراء المذكورون إلى البلاد الشامية.

فلما قرب من سار إلى دمشق خرج النائب آقوش الأفرم ولاقاهما خارج دمشق وعاد بهما، فلما قرأ الكتاب بسلطنة بيبرس كاد أن يطير فرحا لأنه كان خشداش بيبرس، وكان أيضا جاركسىّ الجنس، وكانا يوم ذاك بين الأتراك كالغرباء، وزيّنت دمشق زينة هائلة كما زيّنت القاهرة لسلطنته. ثم أخرج كتاب السلطان بالحلف وفيه أن يحلفوا ويبعثوا لنا نسخة الأيمان، فأجاب جميع الأمراء بالسمع والطاعة وسكت منهم أربعة أنفس ولم يتحدّثوا بشىء، وهم: بيبرس العلائىّ وبهادر آص وآقجبا «١» الظاهرى وبكتمر الحاجب بدمشق، فقال لهم الأفرم: يا أمراء، كلّ الناس ينتظرون كلامكم فتكلّموا، فقال بهادر آص: نريد الخطّ الذي كتبه الملك الناصر بيده وفيه عزل نفسه، فأخرج النائب خطّ الملك الناصر فرآه بهادر ثم قال:

يا مولانا ملك الأمراء، لا تستعجل فممالك الشام فيها أمراء غيرنا، مثل الأمير قراسنقر نائب حلب، وقبجق نائب حماة، وأسندمر نائب طرابلس وغيرهم، فنرسل إليهم ونتّفق معهم على المصلحة، فإذا شاورناهم تطيب خواطرهم، وربّما يرون من المصلحة ما لا نرى نحن، ثم قام بهادر المذكور وخرج فخرجت الأمراء كلّهم فى أثره، فقال الأمير أيبك البغدادىّ القادم من مصر للأفرم: لو مسكت بهادر آص لانصلح الأمر على ما نريد! فقال له الأفرم: والله العظيم لو قبضت عليه لقامت فتنة عظيمة تروح فيها روحك، وتغيير الدول يا أيبك ما هو هين! وأنا ما أخاف من أمراء الشام من أحد إلّا من قبجق المنصورىّ، فإنّه ربّما يقيم فتنة من خوفه على روحه.