ونزل عند بعض مماليك قطلوبك المذكور، ودفع إليه الملطّف؛ فلمّا أوصله إلى قطلوبك أنكر عليه وأمره بالاحتفاظ على أيتمش المذكور ليوصّله إلى الأفرم نائب الشام ويتقرّب إليه بذلك؛ فبلغ أيتمش الخبر فترك راحلته التى قدم عليها ومضى إلى دار الأمير بهادر آص فى اللّيل، فاستأذن عليه فأذن له فدخل إليه أيتمش وعرّفه ما كان من قطلوبك فى حقّه، فطيّب بهادر آص خاطره وأنزله عنده وأركبه من الغد معه إلى الموكب، وقد سبق قطلوبك إلى الأفرم نائب الشام وعرّفه قدوم مملوك الملك الناصر اليه وهروبه من عنده ليلا، فقلق الأفرم من ذلك وألزم والى المدينة بتحصيل المملوك المذكور، فقال بهادر آص: هذا المملوك عندى وأشار إليه، فنزل عن فرسه وسلّم على الأفرم وسار معه فى الموكب إلى دار السعادة، وقال له بحضرة الأمراء:
السلطان الملك الناصر يسلّم عليك ويقول: ما منكم أحد إلّا وأكل خبز الملك الشهيد قلاوون، وما منكم إلا من إلعامه عليه، وأنتم تربية الشهيد والده، وأنه قاصد الدخول إلى دمشق والإقامة بها، فإن كان فيكم من يقاتله ويمنعه العبور فعرّفوه، فلم يتمّ هذا القول حتى صاح الكوكندى «١» الزرّاق أحد أكابر أمراء دمشق وا ابن أستاذاه! وبكى، فغضب الأفرم نائب الشام عليه وأخرجه، ثم قال الأفرم:
لأيتمش قل له (يعنى الملك الناصر) : كيف يجيء إلى الشام أو إلى غير الشام! كأنّ الشام ومصر الآن تحت حكمك. أنا لمّا أرسل إلىّ السلطان الملك المظفر أن أحلف له ما حلفت حتى سيّرت أقول له: كيف يكون ذلك وابن أستاذنا باق! فأرسل يقول: أنا ما تقدّمت عليه حتى خلع ابن أستاذنا نفسه، وكتب خطّه وأشهد عليه بنزوله عن الملك فعند ذلك حلفت له، ثم فى هذا الوقت تقول: من يردّنى عن الشام! ثم أمر به الأفرم فسلّم إلى أستاداره. فلمّا كان اللّيل استدعاه ودفع له