للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن عفا عنه وحبسه ثمّ أخرجه ماشيا، وعظم ذلك على الملك الناصر وكتب ملطّفات إلى نوّاب البلاد الشامية بحلب وحماة وطرابلس وصفد، ثمّ إلى مصر ممّن يثق به، وذكر ما كان به من ضيق اليد وقلّة الحرمة، وأنّه لأجل هذا ترك ملك مصر وقنع بالإقامة بالكرك، وأنّ السلطان الملك المظفّر فى كلّ وقت يرسل يطالبه بالمماليك والخيل التى عنده. ثم ذكر لهم فى ضمن الكتاب: أنتم مماليك أبى وربيّتمونى فإمّا أن تردّوه عنى وإلّا سرت إلى بلاد التّتار، وتلطّف فى مخاطبتهم غاية التلطّف؛ وسيّر لهم بالكتب على يد العربان فأوصلوها إلى أربابها. وكان قد أرسل الملك المظفّر قبل ذلك يطلب منه المال الذي كان بالكرك والخيل والمماليك التى عنده.

حسب ما يأتى ذكره فى ترجمة الملك الناصر محمد. فبعث إليه الملك الناصر بالمبلغ الذي أخذه من الكرك فلم يقنع المظفّر بذلك وأرسل ثانيا، وكان الملك الناصر لمّا أقام بالكرك صار يخطب بها للملك المظفّر بيبرس بحضرة الملك الناصر والملك الناصر يتأدّب معه، ويسكت بحضرة مماليكه وحواشيه. وصار الملك الناصر إذا كاتب الملك المظفّر يكتب إليه: «الملكىّ المظفّرىّ» وقصد بذلك سكون الأحوال وإخماد الفتن، والمظفّر يلحّ عليه لأمر يريده الله تعالى حتى كان من أمره ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وأما النّوّاب بالبلاد الشاميّة فإنّ قرا سنقر نائب حلب كتب إلى الملك الناصر الجواب: بأنّى مملوك السلطان فى كلّ ما يرسم به، وسأل أن يبعث إليه بعض المماليك السلطانية، وكذلك نائب حماة ونائب طرابلس وغيرهما ما خلا بكتمر الجوكندار، فإنّه طرد قاصد الملك الناصر ولم يجتمع به. ثم أرسل الملك الناصر مملوكه أيتمش المحمّديّ إلى الشام وكتب معه ملطّفات إلى الأمير قطلوبك المنصورىّ وبكتمر الحسامىّ الحاجب بدمشق ولغيرهما، ووصل أيتمش إلى دمشق خفية