حادى عشر جمادى الأولى، وذلك بعد اليأس منه، وهذا القول هو الأشهر.
قال: وانحطّ مع ذلك بعد الوفاء السّعر وتشاءم الناس بطلعة الملك المظفّر بيبرس.
وغنّت العامّة فى المعنى:
سلطاننا ركين ... ونائبنا دقين
يجينا الماء من أين
يجيبوا لنا الأعرج ... يجى الماء ويدحّرج «١»
ومن يومئذ وقعت الوحشة بين المظفّر وبين عامّة مصر، وأخذت دولة الملك المظفّر بيبرس فى اضطراب، وذلك أنّه كثر توهّمه من الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقصد فى أيّامه كل واحد من خشداشيته أن يترقّى إلى أعلى منزلة، واتّهموا الأمير سلار بمباطنة الملك الناصر محمد وحذّروا الملك المظفّر منه، وحسّنوا له القبض على سلّار المذكور، فجبن بيبرس عن ذلك. ثم ما زالوا حتّى بعث الأمير مغلطاى إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك ليأخذ منه الخيل والمماليك التى عنده، وتغلّظ فى القول، فغضب الملك الناصر من ذلك غضبا شديدا وقال له: أنا خلّيت «٢» ، ملك مصر والشام لبيبرس، ما يكفيه حتّى ضاقت عينه على فرس عندى ومملوك لى ويكرّر الطلب! ارجع إليه وقل له: والله لئن لم يتركنى، وإلّا دخلت بلاد التّتار وأعلمهم أنّى تركت ملك أبى وأخى وملكى لمملوكى، وهو يتابعنى ويطلب منّى ما أخذته، فجافاه مغلطاى وخشّن له فى القول بحيث اشتدّ غضب الملك الناصر، وصاح به:
ويلك وصلت إلى هنا! وأمر أن يجرّ ويرمى من سور القلعة، فثار به المماليك، يسبّونه ويلعنونه وأخرجوه إلى السّور، فلم يزل به أرغون الدّوادار والأمير طغاى