رحل نوغيه بأصحابه وسار مجدّا ليله ونهاره حتى وصل قطيا «١» ، فوجد واليها قد جمع العربان لقتاله، لأنّ البطاقة وردت عليه من مصر بذلك، والعربان الذين جمعهم الوالى نحو ثلاثة آلاف فارس؛ فلما رآهم نوغاى قال لأصحابه: احملوا عليهم وبادروهم حتى لا يأخذهم الطّمع فيكم (يعنى لقلّتهم) وتأتى الخيل التى وراءكم، فحملوا عليهم وكان مقدّم العرب نوفل [بن «٢» حابس] البياضى، وفيهم نحو الخمسمائة نفر بلبوس، فحملت الأتراك أصحاب نوغاى عليهم وتقاتلا قتالا عظيما حتى ولّت العرب، وانتصر نوغيه عليهم هو وأصحابه، وولّت العرب الأدبار طالبين البرّيّة، ولحق نوغيه والى قطيا فطعنه وألقاه عن فرسه وأخذه أسيرا. ثم رجعت الترك من خلف العرب وقد كسبوا منهم شيئا كثيرا.
وأمّا سمك فإنه لم يزل يتبعهم بعساكر مصر منزلة بعد منزلة حتى وصلوا إلى قطيا فوجدوها خرابا، وسمعوا ما جرى من نوغيه على العرب، فقال الأمراء: الرأى أننا نسير إلى غزّة ونشاور نائب غزّة فى عمل المصلحة، فساروا إلى غزّة فلاقاهم نائب غزّة وأنزلهم على ظاهر غزّة وخدمهم، فقال له سمك: نحن ما جئنا إلّا لأجل نوغاى، وأنّه من العريش «٣» سار يطلب الكرك، فما رأيك؟ نسير إلى الكرك أو نرجع إلى مصر؟
فقال لهم نائب غزة: رواحكم إلى الكرك ما هو مصلحة، وأنتم من حين خرجتم من مصر سائرون وراءهم ورأيتموهم فى الطريق فما قدرتم عليهم، وقد وصلوا إلى الكرك وانضمّوا إلى الملك الناصر، والرأى «٤» عندى أنكم ترجعون إلى مصر وتقولون للسلطان ما وقع وتعتذرون له، فرجعوا وأخبروا الملك المظفّر بالحال فكاد يموت غيظا، وكتب