من وقته كتابا للملك الناصر فيه: إنّ ساعة وقوفك على هذا الكتاب وقبل وضعه من يدك ترسل لنا نوغاى ومغلطاى ومماليكهما، وتبعث المماليك الذين عندك ولا تخلّ منهم عندك سوى خمسين مملوكا، فإنك اشتريت الكلّ من بيت المال، وإن لم تسيرهم سرت إليك وأخذتك وأنفك راغم! وسيّر الكتاب مع بدوىّ «١» إلى الملك الناصر.
وأمّا نوغاى فإنه لما وصل إلى الكرك وجد الملك الناصر فى الصيد، فقال نوغيه لمغلطاى: انزل أنت ها هنا وأسير أنا للسلطان، وركب هجينا وأخذ معه ثلاثة مماليك وسار إلى ناحية عقبة أيلة «٢» ، وإذا بالسلطان نازل فى موضع وعنده خلق كثير من العرب والترك، فلما رأوا نوغيه وقد أقبل من صدر البرّيّة، أرسلوا إليه خيلا فكشفوا خبره، فلما قربوا منه عرفه مماليك السلطان فرجعوا وأعلموا السلطان أنه نوغاى، فقال السلطان: الله أكبر! ما جاء هذا إلّا عن أمر عظيم، فلّما حضر نزل وباس الأرض بين يدى الملك الناصر ودعا له، فقال له الملك الناصر: أراك ما جئت لى فى مثل هذا الوقت إلى هذا المكان إلا لأمر؟ فحدثنى حقيقة أمرك، فأنشأ نوغيه يقول:
أنت المليك وهذه أعناقنا ... خضعت لعزّ علاك يا سلطانى
أنت المرجّى يا مليك فمن لنا ... أسد سواك وما لك البلدان
فى أبيات أخر، ثم حكى له ما وقع له منذ خرج الملك الناصر من مصر إلى يوم تاريخه، فركب الملك الناصر وركب معه نوغيه وعادا إلى الكرك، وخلع عليه وعلى رفقته وأنزلهم عنده ووعدهم بكلّ خير.