للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلع الأمير ألديكز السّلاح دار بملطّف من عند الملك الناصر محمد، وهو جواب الكتاب الذي كان أرسله الملك المظفر للملك الناصر يطلب نوغيه وأصحابه. وقد ذكرنا معناه وما أغلظ فيه وأفحش فى الخطاب للملك الناصر، وكان فى وقت وصول كتاب المظفّر حضر إلى الملك الناصر الأمير أسندمر نائب طرابلس كأنّهما كان على ميعاد، فأخذ الناصر الكتاب وأسندمر إلى جانبه، وعليه لبس العربان، وقد ضرب اللّثام فقرأ الناصر الكتاب، ثم ناوله إلى أسندمر فقرأه وفهم معناه، ثم أمر الملك الناصر الناس بالانصراف وبقى هو وأسندمر، وقال لأسندمر: ما يكون الجواب؟

فقال له أسندمر: المصلحة أن تخادعه فى الكلام وتترقّق له فى الخطاب حتى نجهّز أمرنا ونستظهر، فقال له السلطان: اكتب له الجواب مثل ما تختاره، فكتب أسندمر:

«المملوك محمد بن قلاوون يقبّل اليد العالية المولوية السلطانيّة المظفّريّة أسبغ الله ظلّها، ورفع قدرها ومحلّها، وينهى بعد رفع دعائه، وخالص عبوديته وولائه أنه وصل إلىّ المملوك نوغيه ومغلطاى وجماعة من المماليك، فلمّا علم المملوك بوصولهم أغلق باب القلعة ولم يمكّن أحدا منهم يعبر إليه، وسيّرت إليهم ألومهم على ما فعلوه، وقد دخلوا على المملوك بأن يبعث ويشفع فيهم، فأخذ المملوك فى تجهيز تقدمة لمولانا السلطان ويشفع فيهم، والذي يحيط به علم مولانا السلطان أنّ هؤلاء من مماليك السلطان، خلّد الله ملكه، وأنّ الذي قيل فيهم غير صحيح، وإنما هربوا خوفا على أنفسهم، وقد استجاروا بالمملوك، والمملوك يستجير بظلّ الدولة المظفّريّة، والمأمول «١» ألّا يخيّب سؤاله ولا يكسر قلبه، ولا يردّه فيما قصده «٢» . وفى هذه الأيام يجهّز المملوك